وإخراجهما من الجنة ، واخرى عندما أقسم على إضلال بني آدم وإغوائهم ، إلّاالمخلَصين منهم.
(وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) (٦٥)
مرّت الإشارة إلى جانب من خصائص حياة المسيح عليهالسلام في الآيات السابقة ، وتكمل هذه الآيات ذلك البحث. تقول الآية أوّلاً : (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ).
إنّ «الحكمة» اطلقت على كل العقائد الحقة ، وبرامج الحياة الصحيحة التي تصون الإنسان من أنواع الانحراف في العقيدة والعمل ، وتتناول تهذيب نفسه وأخلاقه ، وعلى هذا فإنّ للحكمة هنا معنى واسعاً يشمل «الحكمة العلمية» و «الحكمة العملية».
ولهذه الحكمة ـ إضافة إلى ما مرّ ـ هدف آخر ، وهو رفع الاختلافات التي تخلّ بنظام المجتمع ، وتجعل الناس حيارى مضطربين ، ولهذا السبب نرى المسيح عليهالسلام يؤكّد على هذه المسألة.
وتضيف الآية في النهاية : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ).
بعد ذلك ، ومن أجل أن ترفع كل نوع من الإبهام في مسألة عبوديته ، تقول الآية : (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبّى وَرَبُّكُمْ).
وأنا مثلكم محتاج في كل وجودي إلى الخالق المدبر ، فهو مالكي ودليلي.
وللتأكيد أكثر يضيف : (فَاعْبُدُوهُ). إذ لا يستحق العبادة غيره ، ولا تليق إلّابه ، فهو الرب والكل مربوبون ، وهو المالك والكل مملوكون.
ثم يؤكّد كلامه بجملة اخرى حتى لا تبقى لمتذرع ذريعة ، فيقول : (هذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ).
نعم ، إنّ الصراط المستقيم هو طريق العبودية لله سبحانه ... ذلك الطريق الذي لا انحراف فيه ولا إعوجاج.