لكن العجب أن يختلف أقوام من بعده مع كل هذه التأكيدات : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ).
فالبعض ذهب إلى أنّه الرب الذي نزل إلى الأرض.
وبعض آخر اعتبره ابن ربّه.
وآخرون بأنّه أحد الأقانيم الثلاثة (الذوات المقدسة الثلاثة : الأب ، والابن ، وروح القدس).
وهناك فئة قليلة فقط هم الذين اعتبروه عبدالله ورسوله ، غير أنّ عقيدة الأغلبية هي التي هيمنت ، وعمت مسألة التثليث والآلهة الثلاثة عالم المسيحية.
وهددهم الله سبحانه في نهاية الآية بعذاب يوم القيامة الأليم ، فقال : (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ).
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٦٦) الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ) (٦٩)
ماذا تنتظرون غير عذاب الآخرة : كان الكلام في الآيات السابقة يدور حول عبدة الأوثان العنودين ، وكذلك حول المنحرفين والمشركين في امّة عيسى عليهالسلام ، والآيات مورد البحث تجسد عاقبة أمرهم. يقول تعالى : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).
في الدرّ المنثور قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «تقوم الساعة والرجلان يحلبان اللقحة ، والرجلان يطويان الثوب». ثم قرأ : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَايَشْعُرُونَ).
ثم رفعت الآية الغطاء عن حالة الأخلاء الذين يودّ بعضهم بعضاً ، ويسيرون معاً في طريق المعصية والفساد ، والإغترار بزخارف الدنيا ، فتقول : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (١).
__________________
(١) «الأخلاء» : جمع «خليل» ـ من مادة خلة ـ بمعنى المودّة والمحبّة ، وأصلها من الخلل أي الفاصلة بين جسمين ، ولما كانت المحبّة والصداقة كأنّها تنفذ في أعماق القلب وثناياه ، فقد استعملت فيها هذه الكلمة.