وَمَا بَيْنَهُمَا). «تبارك» : من مادة «بركة» ، وتعني امتلاك النعمة الوفيرة ، أو الثبات والبقاء ، أو كليهما ، وكلاهما يصدقان في شأن الله تعالى.
وتضيف في الصفتين السادسة والسابعة : (وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
وعلى هذا فإذا أردتم الخير والبركة فاطلبوها منه لا من الأصنام ، فإنّ مصائركم إليه يوم القيامة ، وهو المرجع الوحيد لكم ، وبيده كل شيء.
(وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٨٩)
من يملك الشفاعة : لا زال الحديث في هذه الآيات ـ وهي آخر آيات سورة الزخرف ـ حول إبطال عقيدة الشرك وتفنيدها ، وعاقبة المشركين المُرّة ، وهي توضح بطلان عقيدتهم بدلائل اخرى. تقول الآية الاولى : (وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ).
ولمّا كانت الملائكة وأمثالها من بين آلهة هؤلاء ، فقد استثنوا في ذيل الآية ، فقالت : (إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقّ).
لكن ليس الأمر كما تتوهمون أنّهم يشفعون لأي كان ، حتى وإن كان وثنياً ومشركاً ومنحرفاً عن طريق التوحيد وضالاً عن الصراط المستقيم ، بل (وَهُمْ يَعْلَمُونَ). جيداً لمن يشفعون.
ثم تدين المشركين من أفواههم ، وتجيبهم جواباً قاطعاً ، فتقول : (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ).
إنّ من النادر أن يوجد من بين مشركي العرب وغيرهم من يعتقد أنّ الأصنام هي الخالقة لهم ، فإنّ الأعم الأغلب منهم يعتبرون الأصنام وسائط وشفعاء يقربونهم إلى الله زلفى ، أو أنّها دلائل وعلامات لأولياء الله المقدسين ، ثم يضمون إليها ذريعة أن معبودنا يجب أن يكون موجوداً ملموساً ومحسوساً لنأنس به ، فيعبدونها ، ولذا فإنّهم متى ما سئلوا عن خالقهم فسيقولون : الله. ولذلك فإنّ الآية تقول في نهايتها : (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ). وهو لوم وتوبيخ لهم ... فإنّكم إذا علمتم حقيقة الأمر فلم تعرضون عن الله وتعبدون غيره؟