ثم تشير الآية التالية إلى كيفية اتخاذهم لموضع الخصام هذا ، فتقول : (يَسْمَعُءَايَاتِ اللهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا).
وتهدده الآية في نهايتها بالعذاب الشديد ، فتقول : (فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ). فكما أنّه آذى قلب النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين وآلمهم ، فإنّنا سنبتليه بعذاب أليم أيضاً.
ثم تضيف الآية التي بعدها : (وَإِذَا عَلِمَ مِنْءَايَاتِنَا شَيًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا).
إنّه يتخذ كل آياتنا هزواً ، سواء التي علمها والتي لم يعلمها ، وغاية الجهل أن ينكر الإنسان شيئاً أو يستهزيء به وهو لم يفهمه أصلاً ، وهذا خير دليل على عناد اولئك وتعصّبهم.
ثم تصف الآية عقاب هؤلاء في النهاية فتقول : (أُولئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
وتوضح الآية التالية العذاب المهين ، فتقول : (مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ).
إن التعبير بالوراء مع أنّ جهنم أمامهم وسيصلونها في المستقبل ، يمكن أن يكون ناظراً إلى أنّ هؤلاء قد أقبلوا على الدنيا ونبذوا الآخرة والعذاب وراء ظهورهم.
إنّ الآية تضيف مواصلةً الحديث أنّ هؤلاء إن كانوا يظنون أنّ أموالهم الطائلة وآلهتهم التي ابتدعوها ستحل شيئاً من أثقالهم ، وأنّها ستغني عنهم من الله شيئاً ، فإنّهم قد وقعوا في اشتباه عظيم ، حيث : (وَلَا يُغْنِى عَنْهُم مَا كَسَبُوا شَيًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ أَوْلِيَاءَ).
ولمّا لم يكن هناك سبيل نجاة وفرار من هذا المصير ، فإنّ هؤلاء يجب أن يبقوا في عذاب الله ونار غضبه : (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
ولقد استصغر هؤلاء آيات الله سبحانه ، ولذلك سيعظم الله عذابهم ، وقد اغتر هؤلاء وتفاخروا فألقاهم الله في العذاب الأليم.
(هذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١) اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣) قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (١٥)