«الأحقاف» : تعني الكثبان الرملية التي تتشكل على هيئة مستطيل أو تعرجات ومنحنيات ، على أثر هبوب العواصف في الصحاري ، ويتّضح من هذا التعبير أنّ أرض قوم عاد كانت أرضاً حصباء كبيرة.
ثإنّ هذه المنطقة تقع جنوب الجزيرة العربية قرب أرض اليمن.
يقول القرآن الكريم : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ). ثم هدّدهم بقوله : (إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
إلّا أنّ هؤلاء القوم المتمردين وقفوا بوجه هذه الدعوة الإلهية ، وخاطبوا هوداً : (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْءَالِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
إلّا أنّ هوداً عليهالسلام قال في ردّه على هذا الطلب المتهور الذي يدل على الجنون : (قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللهِ). فهو الذي يعلم متى وفي أي ظروف ينزل عذاب الإستئصال ، فلا هو مرتبط بطلبكم وتمنيكم ، ولا هو تابع لرغبتي ، بل يجب أن يتمّ الهدف ويتحقق ، ألا وهو إتمام الحجة عليكم ، فإنّ حكمته سبحانه تقتضي ذلك.
ثم يضيف : (وَأُبَلّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ). فهو مهمتي الأساسية ، ومسؤوليتي الرئيسية ، أمّا اتخاذ القرار في شأن طاعة الله وأوامره فهو أمر يتعلق بكم ، وإرادة نزول العذاب ومشيئته تتعلق به سبحانه.
(وَلكِنّى أَرَيكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ). وجهلكم هذا هو أساس تعاستكم وشقائكم ، فإنّ الجهل المقترن بالكبر والغرور هو الذي يمنعكم من دراسة دعوة رسل الله ، ولا يأذن لكم في التحقيق فيها ...
وأخيراً لم تؤثر نصائح هود عليهالسلام المفيدة ، وإرشاداته الأخوية في قساة القلوب اولئك ، وبدل أن يقبلوا الحق لجّوا في غيّهم وباطلهم ، وتعصبوا له ، وحتى نوح عليهالسلام كذّبه قومه بهذا الادّعاء الواهي وهو أنّك إن كنت صادقاً فيما تقول فأين عذابك الموعود؟
والآن ، وقد تمّت الحجة بالقدر الكافي ، وأظهر اولئك عدم أهليتهم للبقاء ، وعدم استحقاقهم للحياة ، فإنّ حكمة الله سبحانه توجب أن يرسل عليهم «عذاب الإستئصال» ذلك العذاب الذي يجتث كل شيء ولا يبقي ولا يذر.
وفجأة رأوا سحاباً قد ظهر في الأفق ، واتسع بسرعة : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا) (١).
__________________
(١) «عارض» : من مادة «عرض» ، وهنا بمعنى السحاب الذي ينتشر في عرض السماء ، وربّما كان هذا أحد ـ