(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) (٣٥)
فاصبر كما صبر أولوا العزم : تواصل هذه الآيات البحث حول المعاد ، حيث جاءت الإشارة إلى مسألة المعاد في الآيات السابقة حكاية عن لسان مبلغي الجن ـ هذا من جهة.
ومن جهة اخرى ، فإنّ سورة الأحقاف تتحدث في فصولها الاولى عن مسألة التوحيد ، وعظمة القرآن المجيد ، وإثبات نبوّة نبي الخاتم صلىاللهعليهوآله ، وتبحث في آخر فصل من هذه السورة مسألة المعاد لتكمل بذلك البحث في الاصول الإعتقادية الثلاثة.
تقول الآية الاولى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَ السَّموَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِىَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ).
هذا أحد أدلة المعاد العدديدة التي يؤكّد عليها القرآن ويستند إليها في آيات مختلفة ، ومن جملتها الآية (٨١) من سورة يس.
وتجسّد الآية التالية مشهداً من العذاب الأليم المحيط بالمجرمين ومنكري المعاد ، فتقول : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ).
وعندما يُعرض الكافرون على النار ، ويرون ألسنة لهبها العظيمة المحرقة المرعبة يقال لهم : (أَلَيْسَ هذَا بِالْحَقّ). وهل تستطيعون اليوم أن تنكروا البعث ومحكمة الله العادلة ، وثوابه وعقابه ، وتقولون : ما هذا إلّاأساطير الأوّلين؟
غير أنّ اولئك الذين لا حيلة لهم : (قَالُوا بَلَى وَرَبّنَا). فهنا يقول الله سبحانه ، أو ملائكة العذاب : (قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ).
وبهذا فإنّهم يرون كل الحقائق بام أعينهم في ذلك اليوم ويعترفون بذلك الإعتراف الذي لن ينفعهم ، وسوف لن تكون نتيجته إلّاالهم والحسرة ، وتأنيب الضمير والعذاب الروحي.
ويأمر الله سبحانه نبيّه في آخر آية من هذه الآيات ، وهي آخر آية في سورة الأحقاف ،