والعواصف ، والإبتلاءات الاخرى ، لكن باب الإختبار وميدانه سيغلق في هذه الصورة : (وَلكِن لّيَبْلُوَا بَعْضَكُم بِبَعْضٍ).
هذه المسألة هي فلسفة الحرب ، والنكتة الأساسية في صراع الحق والباطل ، ففي هذه الحروب ستتميز صفوف المؤمنين الحقيقيين والعاملين من أجل دينهم عن المتكلمين في المجالس المتخاذلين في ساعة العسرة ، وبذلك ستتفتح براعم الاستعدادات ، وتحيا قوة الإستقامة والرجولة ، ويتحقق الهدف الأصلي للحياة الدنيا ، وهو الإبتلاء وتنمية قوة الإيمان والقيم الإنسانية الاخرى.
وتحدّثت آخر جملة من الآية مورد البحث عن الشهداء الذين قدّموا أرواحهم هدية لدينهم في هذه الحروب ، ولهم فضل كبير على المجتمع الإسلامي ، فقالت : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ).
هذه هي أحدى مواهب الله في شأن الشهداء.
وهناك ثلاث مواهب اخرى أضيفت في الآيات التالية :
تقول الآية أوّلاً : (سَيَهْدِيهِمْ) إلى المقامات السامية ، والفوز العظيم ، ورضوان الله تعالى.
والاخرى : (وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ) فيهبهم هدوء الروح ، واطمئنان الخاطر ، والنشاط المعنوي والروحي ، والإنسجام مع صفاء ملائكة الله ومعنوياتهم ، حيث يجعلهم جلساءهم وندماءهم في مجالس أنسهم ولذّتهم ، ويدعوهم إلى ضيافته في جوار رحمته.
والموهبة الأخيرة هي : (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ).
إنّه تعالى لم يبيّن لهم الصفات الكليّة للجنات العلى وروضة الرضوان وحسب ، بل عرف لهم صفات قصورهم في الجنة وعلاماتها ، بحيث أنّهم عندما يردون الجنة يتوجّهون إلى قصورهم مباشرة.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (١٠) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ) (١١)