وتقول الآية الأخيرة : (وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ).
وبهذا فإنّ الله سبحانه يختبر أعمال البشر ، كما يختبر أقوالهم وأخبارهم.
فليست هذه المرة الاولى التي يخبر الله سبحانه الناس فيها بأنّي أبلوكم لتمييز صفوفكم ، وليعرف المؤمنون الحقيقيون وضعفاء الإيمان والمنافقون ، وقد ذكرت مسألة الإمتحان والإبتلاء هذه في آيات كثيرة من القرآن الكريم.
وقد بحثنا المسائل المتعلقة بالاختبار الإلهي في ذيل الآية (١٥٥) من سورة البقرة ، وكذلك وردت في بداية سورة العنكبوت.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (٣٢) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٣٤)
بعد البحوث المختلفة التي دارت حول المنافقين في الآيات السابقة ، تبحث هذه الآيات وضع جماعة اخرى من الكفار ، فتقول : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَن يَضُرُّوا اللهَ شَيًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ). حتى وإن عملوا خيراً ، لأنّه لم يكن مقترناً بالإيمان.
هؤلاء يمكن أن يكونوا مشركي مكة ، أو الكفار من يهود المدينة ، أو كليهما.
أمّا «تبيّن الهدى» ، فقد كان عن طريق المعجزات بالنسبة إلى مشركي مكة ، وعن طريق الكتب السماوية بالنسبة إلى أهل الكتاب.
و «إحباط أعمالهم إمّا أن يكون إشارة إلى أعمال الخير التي قد يقومون بها أحياناً كإقراء الضيف ، والإنفاق ، ومعونة ابن السبيل ، أو أن يكون إشارة إلى عدم تأثير خطط هؤلاء ومؤامراتهم ضد الإسلام.
وبعد أن تبيّن حال المنافقين ، والخطوط العامة لأوضاعهم ، وجّهت الآية التالية الخطاب