نزول السكينة على قلوب المؤمنين : ما قرأناه في الآيات السابقة هو ما أعطاه الله من مواهب عظيمة لنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بالفتح المبين «صلح الحديبية» ، أمّا في الآية أعلاه فالكلام عن الموهبة العظيمة التي تلطف الله بها على جميع المؤمنين ، إذ تقول الآية : (هُوَ الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ).
ولم لا تنزل السكينة والاطمئنان على قلوب المؤمنين : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).
«السكينة» : في الأصل مشتقة من «السكون» ، ومعناها الاطمئنان والدعة وما يزيل كل أنواع الشك والتردّد والوحشة من الإنسان ويجعله ثابت القدم في طوفان الحوادث.
وهذه السكينة يمكن أن يكون لها جانب عقائدي فيزيل ضعف تزلزل العقيدة أو يكون لها جانب عملي بحيث يهب الإنسان ثبات القدم والمقاومة والاستقامة والصبر.
وتعبيرات الآية نفسها تتناسب مع استعمال السكينة في معناها الأوّل أكثر.
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٧)
نتيجة اخرى من الفتح المبين : في روح المعاني عن أنس قال : أنزلت على النبي صلىاللهعليهوآله ليغفر لك الله من ذنبك وما تأخر في مرجعه من الحديبية فقال : «لقد أنزلت على آية هي أحبّ إليّ ممّا على الأرض». ثم قرأها عليهم فقالوا : هنيئاً مريئاً يا رسول الله قد بين الله تعالى لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا فنزلت (لّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) حتى بلغ (فَوْزًا عَظِيمًا).
إنّ هذه الآيات تتحدث عن علاقة صلح الحديبية وآثاره وردّ الفعل المختلف في أفكار الناس ونتائجه المثمرة ، وكذلك عاقبة كل من الفريقين اللذين امتحنا في هذه «البوتقة» والمختبر. فتقول الآية الاولى من هذه الآيات محل البحث : (لّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ