أصحاب النبي وخصائصهم وما وعدهم الله سبحانه به. فالاولى منهما تقول : (هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ وعَلَى الدّينِ كُلّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا).
وهذا وعد صريح وقاطع من الله سبحانه في غلبة الإسلام وظهوره على سائر الأديان.
أي لا تعجبوا لو أخبركم الله عن طريق رؤيا نبيّه محمّد بالإنتصار وأن تدخلوا المسجد الحرام بمنتهى الأمان وتؤدّوا مناسك العمرة دون أن يجرؤ أحد على إيذائكم ، كما لا تعجبوا أن يبشّركم الله بالفتح القريب ـ فتح خيبر «فأوّل الغيث قطرة وسيكون الإسلام باسطاً ظلاله في أرجاء المعمورة ويظهر على جميع الأديان ...
والمراد ب «الظهور على الدين كلّه» ، أهو الظهور المنطقي ، أم الظهور (والغلبة) العسكريان؟!
إنّ كلمة «يظهر» دليل على الغلبة الخارجية ... ولهذا يمكن القول أنّه بالإضافة إلى نفوذ الإسلام في مناطق كثيرة واسعة من الشرق والغرب وهي تحت لوائه اليوم وتدين به أكثر من أربعين دولة إسلامية بنفوس يقدّر إحصاؤها بأكثر من مليارد نسمة فإنّه سيأتي زمان على الناس يستوعب الإسلام جميع أرجاء المعمورة «رسميّاً» وسيكتمل هذا الأمر بظهور المهدي (عج) إن شاء الله.
وفي آخر آية وصف بليغ لأصحاب النبي الخاصين والذين كانوا على منهاجه على لسان التوراة والإنجيل وهو مدعاة افتخار لهم إذ أبدوا شهامتهم ورُجولتهم في الحديبية والمراحل الاخر كما أنّه درس اختبار لجميع المسلمين على مدى القرون والأعصار ...
فتقول الآية في البداية : (مُّحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ).
ثم تصف الآية أصحابه وخلالهم (وسجاياهم) الباطنية والظاهرية ضمن خمس صفات إذ تقول في وصفهم : (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ).
وصفتهم الثانية أنّهم : (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).
وفي الحقيقة أنّ عواطفهم وأفكارهم تتلخّص في هاتين الخصلتين : «الرحمة» و «الشدة ... لكن لا تضادّ في الجمع بينهما أوّلاً ، ولا رحمتهم فيما بينهم وشدّتهم على الكفار تقتضي أن تحيد أقدامهم عن جادّة الحق ثانياً ...
ثم تضيف الآية مبيّنة وصفهم الثالث فتقول : (تَرَيهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا).
هذا التعبير يجسد العبادة بركنيها الأساسيين : «الركوع والسجود على أنّها حالة دائمية لهم ، العبادة التي هي رمز للتسليم أمام أمر الله الحق ، ونفي الكبر والغرور والأنانية عن وجودهم.