(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ) (١١)
انظروا إلى السماء لحظةً : هذه الآيات تواصل البحث عن دلائل المعاد ، فتارةً تتحدث عن قدرة الله المطلقة لإثبات المعاد ، واخرى تستشهد له بوقائع ونماذج تحدث في الدنيا تمثّل حالة المعاد ، فهي تستجلب وتُلفت أنظار المنكرين إلى خلق السماوات فتقول : (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا).
والمراد بالنظر هنا هو النظر المقترن بالتفكير الذي يدعو صاحبه لمعرفة عظمة الخالق الذي خلق السماء الواسعة وما فيها من عجائب مذهلة وتناسق وإستحكام ونظم ودقة.
جملة (وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) أي لا إنشقاق فيها ، إمّا أن يكون بمعنى عدم النقص والعيب ، أو أن يكون معناه عدم الإنشقاق والإنفطار في السماء المحيطة بأطراف الأرض وهي ما يعبّر عنها بالغلاف الجوّي للأرض أو ما يعبّر القرآن عنه بالسقف المحفوظ.
ثم تشير الآيات إلى عظمة الأرض فتقول : (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ).
أجل ، خلق الأرض من جهة ، ثم اتّساعها «وخروجها من تحت الماء» من جهة اخرى ، ووجود الجبال «الرواسي» عليها وإرتباط بعضها ببعض كأنّها السلاسل التي تشدّ الأرض وتحفظها من الضغوط الداخلية والخارجية والجزر والمدّ الحاصلين من جاذبية الشمس والقمر من جهة ثالثة ... ووجود أنواع النباتات بما فيها من عجائب واتّساق وجمال من جهة رابعة جميعها تدلّ على قدرته اللّامحدودة.
أمّا الآية التالية فهي بمثابة الإستنتاج إذ تقول : (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ).
أجل إنّ من له القدرة على خلق السماوات بما فيها من عظمة وجمال وجلال ، والأرض بما فيها من نعمة وجمال ودقّة ، كيف لا يمكنه أن يلبس الموتى ثوب الحياة مرّة اخرى وأن يجعل لهم معاداً وحياة اخرى.