ضعاف الأنفس الحريصين إنّ ما توعدون في مجال الرزق والثواب والعقاب والقيامة جميعه حق ولا ريب في كل ذلك.
(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قَالُوا كَذلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (٣٠)
ضيوف إبراهيم عليهالسلام : من هذا المقطع ـ فما بعد ـ يتحدث القرآن في هذه السورة عن قصص الأنبياء الماضين والامم المتقدمة تأكيداً وتأييداً للموضوع آنف الذكر وما حواه من مسائل ، وأوّل جانب يثيره هذا المقطع هو قصة الملائكة الذين جاءوا لعذاب قوم لوط ، ومرّوا على إبراهيم عليهالسلام على صورة بشر ، ليبشّروه بالولد ، مع أنّ إبراهيم بلغ سنّاً كبيراً فهو في مرحلة المشيب وامرأته كانت عقيماً كذلك.
فمن جهة ... يعدّ إعطاء هذا الولد لإبراهيم وزوجه وهما في مرحلة الكبر واليأس من الإنجاب تأكيداً على كون الأرزاق مقدّرة كما اشير إلى ذلك في الآيات المتقدمة.
ومن جهة اخرى يُعدّ دليلاً آخر على قدرة الحق وآية من آيات معرفة الله التي ورد البحث عنها في الآيات آنفاً.
ومن جهة ثالثة يُعدّ بُشرى للُامم المؤمنة بأنّها في رعاية الحق ، كما أنّ الآيات التالية تتحدث عن عذاب قوم لوط وهي في الوقت ذاته تهديد للمجرمين.
ففي البدء يوجّه الله سبحانه الخطاب لنبيّه فيقول : (هَلْ أَتَيكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرهِيمَ الْمُكْرَمِينَ).
والتعبير ب «المكرمين» إمّا لأنّ هؤلاء الملائكة كانوا مأمورين من قبل الحق ، أو لأنّ إبراهيم عليهالسلام أكرمهم ، أو للوجهين معاً.
ثم يبيّن القرآن حالهم فيقول : (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلمًا قَالَ سَلمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ).
فإنّ إبراهيم أدّى ما عليه من حق الضيافة : (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ).