«راغ» : مشتق من «روغ» ـ على وزن شوق ـ ومعناه التحرّك مقروناً بخطّة خفية.
و «العجل» : على وزن «طفل» معناه ولد البقر وفي الأصل مأخوذة من العجلة ، لأنّ هذا الحيوان في هذه السن وفي هذه المرحلة يتحرك حركة عجلى ، وحين يكبر تزول عنه هذه الصفة تماماً ؛ و «السمين» : معناه المكتنز لحمه ، وإنتخاب مثل هذا العجل إنّما هو لإكرام الضيف وليسع المتعلقين والأكلة الآخرين.
ثم تضيف الآية بالقول عن إبراهيم وضيفه : (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ). إلّاأنّه لاحظ أنّ أيديهم لا تصل إلى الطعام فتعجب و (قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ).
وكان إبراهيم يتصور أنّهم من الآدميين (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) لأنّه كان معروفاً في ذلك العصر وفي زماننا أيضاً بين كثير من الناس الملتزمين بالتقاليد العرفية ، أنّه متى ما أكل شخص من طعام صاحبه فلن يناله أذى منه ولا يخونه ولذلك فإنّ الضيف إذا لم يأكل من طعام صاحبه ، يثير الظن السيء بأنّه جاء لأمر محذور.
وهنا قال له الضيف كما ورد في الآية (٧٠) من سورة هود طمأنةً له ف (قَالُوا لَاتَخَفْ).
ويضيف القرآن : (وَبَشَّرُوهُ بِغُلمٍ عَلِيمٍ).
وبديهي أنّ الغلام عند ولادته لا يكون عليماً ، إلّاأنّه من الممكن أن يكون له إستعداد بحيث يكون في المستقبل عالماً كبيراً ... والمراد به هنا هو ذلك المعنى.
والمشهور بين المفسرين أنّ هذا الغلام هو إسحاق.
(فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ). ونقرأ في الآية (٧٢) من سورة هود قوله تعالى : (قَالَت يَا وَيْلَتَى ءَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذَا بَعْلِى شَيْخًا).
«صرّة» : مشتقة من الصرّ على وزن الشرّ ، ومعناه في الأصل الشدّ والإرتباط. وفي الآية محل البحث معناها هو الصوت العالي الشديد.
و «صكّت» : معناها الضرب الشديد أو الضرب ، والمراد منها هنا هو أنّ امرأة إبراهيم حين سمعت بالبشرى ضربت بيدها على وجهها ـ كعادة سائر النساء ـ تعجباً وحياءً.
وطبقاً لما يقول بعض المفسرين وما ورد في سفر التكوين فإنّ امرأة إبراهيم كانت آنئذ في سن التسعين وإبراهيم نفسه كان في سن المئة عاماً ... أو أكثر. إلّاأنّ الآية التالية تنقل جواب الملائكة لها فتقول : (قَالُوا كَذلِكِ قَالَ رَبُّكَ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ).
والتعبير ب «الحكيم» و «العليم» إشارة إلى أنّه لا يحتاج إلى الإخبار بكونك امرأة عقيماً عجوزاً وبعلك شيخاً ، فالله يعرف كل هذه الامور.