مخلب من الطير وكل ذي حافر من الدواب وحكاه عن بعض المفسّرين ، [و](١) سمّى الحافر ظفرا على الاستعارة ، (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) ، يعني : شحوم الجوف ، وهي الثروب ، وشحم الكليتين ، (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) ، أي : إلا ما علق بالظهر والجنب من داخل بطونهما ، (أَوِ الْحَوايا) ، وهي المباعر واحدتها حاوية وحوية أي ما حملته الحوايا من الشحم. (أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) ، يعني : شحم الألية هذا كله داخل في الاستثناء ، والتحريم مختص بالثروب وشحم الكلية.
[٩٠٠] أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا قتيبة أنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله :
أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول عام الفتح وهو بمكة : «أن الله ورسوله حرّما بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام» ، قيل : يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح (٢) بها الناس؟ فقال : لا هو حرام ، ثم قال رسول الله عند ذلك : «قاتل الله اليهود إنّ الله عزوجل لمّا حرم شحومها جملوه [ثم](٣) باعوه فأكلوا ثمنه».
(ذلِكَ جَزَيْناهُمْ) ، أي : ذلك التحريم عقوبة لهم (بِبَغْيِهِمْ) ، أي : بظلمهم من قتلهم الأنبياء وصدّهم عن سبيل الله وأخذهم الرّبا واستحلال أموال الناس بالباطل ، (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) ، في الإخبار عما حرّمنا عليهم وعن بغيهم.
(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (١٤٨))
(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) ، بتأخير العذاب عنكم ، (وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ) ، عذابه (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) ، إذا جاء وقته.
(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) ، لمّا لزمتهم الحجّة وتيقّنوا بطلان ما كانوا عليه من الشرك بالله وتحريم ما لم يحرّمه الله قالوا : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا) ، نحن ، (وَلا آباؤُنا) ، من قبل ، (وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ) ، من البحائر والسوائب وغيرهما أرادوا أن يجعلوا قولهم (٤) : لو شاء الله ما أشركنا ، حجة لهم على إقامتهم
__________________
[٩٠٠] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
قتيبة هو ابن سعيد ، الليث هو ابن سعد.
وهو في «شرح السنة» ٢٠٣٣ بهذا الإسناد ، وفي «صحيح البخاري» ٢٢٣٦ عن قتيبة به.
وأخرجه البخاري ٤٦٣٣ ومسلم ١٥٨١ وأبو داود ٣٤٨٦ و ٣٤٨٧ والترمذي ١٢٩٧ والنسائي (٧ / ٣٠٩ ، ٣١٠) وابن ماجه ٢١٦٧ وأحمد (٣ / ٣٢٦) وابن الجارود ٥٧٨ وأبو يعلى ١٨٧٣ وابن حبان ٤٩٣٧ والبيهقي (٩ / ٣٥٤ ، ٣٥٥) من طرق عن يزيد بن أبي حبيب به.
وفي الباب من حديث ابن عباس عن عمر عند البخاري ٢٢٢٣ و ٣٤٦٠ ومسلم ١٥٨٢ وابن أبي شيبة (٦ / ٤٤٤) والشافعي (٢ / ٤١) والحميدي ١٣ والبيهقي (٨ / ٢٨٦).
__________________
(١) زيادة عن المخطوطتين.
(٢) في المطبوع وحده «ويستضيء».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) كذا في المخطوطتين ، وفي المطبوع وط «قوله».