أنّ الله أمرهم به ، (فَإِنْ شَهِدُوا) ، وهم كاذبون (١) ، (فَلا تَشْهَدْ) ، أنت ، (مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ، أي : يشركون.
قوله عزوجل : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) ، وذلك أن المشركين سألوا وقالوا : أيّ شيء الذي حرّم الله تعالى؟ فقال عزوجل : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ) ، أقرأ ما حرّم ربكم عليكم حقا ويقينا لا ظنا (٢) وكذبا كما تزعمون ، فإن قيل : ما معنى قوله : (حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) ، والمحرّم هو الشرك لا ترك الشرك؟ قيل : موضع (أن) رفع معناه هو أن لا تشركوا ، وقيل : محله نصب واختلفوا في وجه انتصابه ، قيل : معناه حرّم عليكم أن تشركوا ، و (لا) صلة ؛ كقوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الأعراف : ١٢] ، أي : [ما](٣) منعك أن تسجد. وقيل : تمّ الكلام عند قوله : (حَرَّمَ رَبُّكُمْ) ، ثم قال : عليكم أن لا تشركوا به شيئا ، على وجه الإغراء. قال الزجاج : يجوز أن يكون هذا محمولا على المعنى ، أي : أتل عليكم تحريم الشرك ، وجائز أن يكون على معنى : أوصيكم ألّا تشركوا ، (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ) ، فقر ، (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) ، أي : لا تئدوا بناتكم خشية العيلة فإني رازقكم وإيّاهم ، (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) ، ما ظهر يعني العلانية وما بطن يعني السرّ ، وكان أهل الجاهلية يستقبحون الزنا في العلانية ولا يرون به بأسا في السرّ ، فحرم الله تعالى الزنا في العلانية والسرّ. وقال الضحاك : ما ظهر الخمر وما بطن الزنا ، (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) ، حرّم الله تعالى قتل المؤمن والمعاهد إلا بالحق ، [أي :](٤) إلّا بما أبيح قتله من ردّة أو قصاص أو زنا يوجب الرجم.
[٩٠١] أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ثنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري ثنا حاجب بن أحمد الطوسي ثنا محمد بن حماد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرّة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يحلّ دم امرئ [مسلم](٥) يشهد أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنّفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة» ، (ذلِكُمْ) الذي ذكرت ، (وَصَّاكُمْ بِهِ) ، أمركم به ، (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
__________________
[٩٠١] ـ صحيح ؛ محمد بن حماد ثقة ، ومن دونه توبعوا ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، أبو معاوية هو محمد بن خازم ، الأعمش هو سليمان بن مهران ، مسروق هو ابن الأجدع.
وهو في «شرح السنة» ٢٥١١ بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ١٦٧٦ ح ٢٥ وأبو داود ٢٣٥٢ والترمذي ١٤٠٢ وأحمد (١ / ٣٨٢ و ٤٢٨) وابن حبان ٤٤٠٨ والبيهقي (٨ / ٢١٣ و ٢٨٣ و ٢٨٤) من طرق عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٦٨٧٨ ومسلم ١٦٧٦ وابن ماجه ٢٥٣٤ والطيالسي ٢٨٩ وأحمد (١ / ٤٤٤) والدارمي (٢ / ٢١٨) والبيهقي (٨ / ١٩ و ١٩٤ و ٢٠٢ و ٢١٣) من طرق عن الأعمش به.
وأخرجه النسائي (٨ / ١٣) وأحمد (١ / ٤٦٥) وابن حبان ٥٩٧٧ من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان الأعمش به.
__________________
(١) في المخطوط «كاذبين».
(٢) كذا في المطبوع و ، أ ، وفي ب ، وط «ولا كذبا».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط وط.