[٩١٥] وروينا : «أنّ رجلا ينشر عليه تسعة وتسعون [سجلا ، كل سجل مدّ البصر](١) ، فيخرج له بطاقة فيها شهادة أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة». وقيل : توزن الأشخاص.
[٩١٦] وروينا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ليأتي الرجل العظيم السّمين يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة».
وقيل : توزن الأعمال ، روي ذلك عن ابن عباس ، فيؤتى بالأعمال الحسنة على صورة حسنة وبالأعمال السيّئة على صورة قبيحة فتوضع في الميزان ، والحكمة في وزن الأعمال امتحان الله عباده بالإيمان في الدنيا وإقامة الحجّة عليهم في العقبى ، (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) ، قال مجاهد : حسناته ، (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (٩)) ، وقال أبو بكر رضي الله عنه حين حضره الموت في وصيّته لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتّباعهم الحق في الدنيا ، وثقله عليهم وحق لميزان يوضع فيه الحق غدا أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتّباعهم الباطل في الدنيا ، وخفته عليهم حق لميزان يوضع فيه الباطل غدا أن يكون خفيفا ، فإن قيل : فقد قيل : من ثقلت موازينه ذكر بلفظ الجمع ، والميزان واحد ، قيل : يجوز أن يكون لفظه جمعا ومعناه واحد ؛ كقوله : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ) [المؤمنون : ٥١] ، وقيل : لكل عبد ميزان ، وقيل : الأصل ميزان واحد عظيم ولكل عبد فيه ميزان معلق به ، وقيل : جمعه ؛ لأن الميزان يشتمل على الكفتين والشاهدين واللسان ، ولا يتم الوزن إلا باجتماعهما.
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (١٠) وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) قالَ ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢))
قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) ، أي (٢) : المراد من التمكين التمليك والقدرة ، (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) ، أي : أسبابا تعيشون بها أيام حياتكم من التجارات والمكاسب والمآكل والمشارب والمعايش جمع المعيشة ، (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) ، فيما صنعت إليكم.
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) ، قال ابن عباس : خلقناكم ، أي : أصولكم وآباءكم ثم صوّرناكم في أرحام أمّهاتكم ، وقال قتادة والضحاك والسدي : أمّا خلقناكم فآدم ، وأمّا صوّرناكم فذريّته. وقال مجاهد في (خَلَقْناكُمْ) آدم ، ثم (صَوَّرْناكُمْ) في ظهر آدم [وذكر آدم](٣) بلفظ الجمع لأنه
__________________
[٩١٥] ـ تقدم في سورة النساء آية : ٤٠.
[٩١٦] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٤٧٢٩ ومسلم ٢٧٨٥ من حديث أبي هريرة ويأتي مسندا عن المصنف في سورة الكهف آية : ١٠٥.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) زيد في المطبوع وط «أي : مكناكم».
(٣) زيادة عن المخطوط.