القول في الدين من غير يقين.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (٣٧))
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) ، [يعني :](١) مدّة وأكل وشرب ، وقال ابن عباس وعطاء والحسن : يعني وقتا لنزول العذاب بهم ، (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) ، وانقطع أكلهم ، (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) [أي : لا يتقدمون](٢) ، وذلك حين سألوا العذاب فأنزل الله هذه الآية.
قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) ، أي : إن يأتكم. قيل : أراد جميع الرسل. وقال مقاتل : أراد بقوله : (يا بَنِي آدَمَ) مشركي العرب وبالرسل محمدا صلىاللهعليهوسلم وحده ، (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) ، قال ابن عباس : فرائضي وأحكامي ، (فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ) ، أي : اتّقى الشرك وأصلح عمله. وقيل : أخلص ما بينه وبين ربّه (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) ، إذا خاف النّاس ، (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، أي : إذا حزنوا.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها) ، تكبّروا عن الإيمان بها ذكر الاستكبار لأن كل مكذّب وكافر متكبّر. قال الله تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥)) [الصافات : ٣٥] ، (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
قوله تعالى : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) ، جعل له شريكا ، (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) ، القرآن ، (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) ، نصيبهم : حظّهم ممّا كتب لهم في اللوح المحفوظ. واختلفوا فيه ، قال الحسن والسدي : ما كتب لهم من العذاب وقضى عليهم من سواد الوجوه وزرقة العيون. قال عطية عن ابن عباس : كتب لمن يفتري على الله أنّ وجهه مسود ، قال الله تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠] ، وقال سعيد بن جبير ومجاهد : ما سبق لهم من الشقاوة والسعادة. وقال ابن عباس وقتادة والضحاك : يعني أعمالهم التي عملوها وكتب عليهم من خير وشرّ يجري عليها. وقال محمد بن كعب القرظي : ما كتب لهم من الأرزاق والأعمال [والأعمار](٣) فإذا فنيت ، (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) ، يقبضون أرواحهم يعني ملك الموت وأعوانه ، (قالُوا) ، يعني : يقول الرسل للكفار ، (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ) ، تعبدون ، (مِنْ دُونِ اللهِ) ، سؤال تبكيت وتقريع ، (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) ، بطلوا وذهبوا عنّا ، (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) ، اعترفوا عند معاينة الموت ، (أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ).
(قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع وط.
(٣) سقط من المطبوع.