(أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩) قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١) فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ (٧٢))
(أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨)) ، ناصح أدعوكم إلى التوبة أمين على الرسالة. قال الكلبي : كنت فيكم قبل اليوم أمينا (١).
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ) ، يعني : نفسه ، (لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ) ، يعني : في الأرض ، (مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) ، أي : من بعد إهلاكهم ، (وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) ، أي : طولا وقوّة. قال الكلبي والسدي : كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع وقامة القصير ستون ذراعا. وقال أبو حمزة الثمالي : سبعون ذراعا. وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ثمانون ذراعا. وقال مقاتل : كان طول كل رجل اثني عشر ذراعا. وقال وهب : كان رأس أحدهم مثل القبة العظيمة وكان عين الرجل يفرخ فيها الضباع وكذلك مناخرهم. (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) نعم الله ، واحدها إلى ، وإلى مثل معى وأمعاء وقفا وأقفاء ، ونظيرها : (آناءَ اللَّيْلِ) [آل عمران : ١١٣] ، واحدها أنى وإنى ، (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
(قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) ، من الأصنام ، (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) ، من العذاب ، (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
(قالَ) هود : (قَدْ وَقَعَ) ، وجب ونزل ، (عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ) ، أي : عذاب ، والسين مبدلة من الزاي ، (وَغَضَبٌ) ، أي : سخط ، (أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها) ، وضعتموها ، (أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) ، قال أهل التفسير : كانت لهم أصنام يعبدونها سمّوها أسماء مختلفة ، (ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) ، حجّة وبرهان ، (فَانْتَظِرُوا) ، نزول العذاب ، (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
(فَأَنْجَيْناهُ) ، يعني : هودا عند نزول العذاب ، (وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) ، أي : استأصلناهم وأهلكناهم عن آخرهم ، (وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ).
قصة عاد
وكانت قصة عاد على ما ذكره محمد بن إسحاق (١) وغيره أنهم كانوا ينزلون اليمن وكانت مساكنهم
__________________
(١) هذا الخبر ذكره ابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٢٨٥ ، ٢٨٧) وقال : وهو سياق غريب فيه فوائد كثيرة ، وقد ورد في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في «مسنده» قريب مما أورده محمد بن إسحاق رحمهالله ... ثم ذكره.
وانظر مسند أحمد (٣ / ٤٨٢) وسنن الترمذي ٣٢٨٣ وإسناده ضعيف ، فيه سلام بن سليمان غير قوي ، وقد روى غرائب وهذا منها وفيه عاصم بن أبي النجود ، صدوق يخطئ.
__________________
(١) تصحف في المطبوع «أميتا».