قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم بدر : «من ينظر لنا ما فعل (١) أبو جهل» ، قال : فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد (٢) ، فأخذ بلحيته فقال أنت أبو جهل؟ قال : وهل فوق رجل قتله قومه أو قتلتموه.
[٩٨٦] قال محمد بن إسحاق : حدّثني عبد الله بن أبي بكر قال : قال معاذ بن عمرو بن الجموح لما فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غزوه أمر بأبي جهل بن هشام أن يلتمس في القتلى ، وقال : «اللهمّ لا يعجزنّك» ، قال : فلما سمعتها جعلته من شأني فعمدت نحوه فضربته ضربة أطنت (٣) قدمه بنصف ساقه ، قال : وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلّقت بجلدة من جنبي وأجهضني القتال عنه ، فلقد قاتلت عامّة يومي وإني لأصحبها خلفي ، فلما آذتني جعلت عليها قدمي ثمّ تمطّيت بها حتى طرحتها ، ثم مرّ بأبي جهل وهو عقير معوذ (٤) بن عفراء فضربه حتى أثبته فتركه وبه رمق ، فمرّ عبد الله بن مسعود ، قال عبد الله بن مسعود : وجدته بآخر رمق فعرفته فوضعت رجلي على عنقه ، ثم قلت : هل أخزاك الله يا عدوّ الله؟ قال : وبما ذا أخزاني أعمد من رجل قتلتموه ، فأخبرني لمن الدائرة؟ قلت : لله ولرسوله.
[٩٨٧] وروي عن ابن مسعود أنّه قال : قال لي أبو جهل : لقد ارتقيت يا رويعى الغنم مرتقا صعبا ، ثم احتززت رأسه ثم جئت به إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقلت : يا رسول الله هذا رأس [عدوّ الله](٥) أبي جهل ، فقال : «الله الذي لا إله غيره»؟ قلت : نعم والذي لا إله غيره ، ثم ألقيته بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم [فحمد الله عزوجل](٦). وقال السدي والكلبي : كان المشركون حين خرجوا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم من مكة أخذوا بأستار الكعبة وقالوا : اللهمّ انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين وأفضل الدينين ، ففيه نزلت : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) ، أي : إن تستنصروا فقد جاءكم النصر.
وقال عكرمة : قال المشركون : والله لا نعرف ما جاء به محمد فافتح بيننا وبينه بالحق ، فأنزل الله عزوجل : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) ، أي : إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء.
وقال أبيّ بن كعب : هذا خطاب لأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال الله تعالى للمسلمين : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ) ، أي : إن تستنصروا فقد جاءكم الفتح والنصر.
[٩٨٨] أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أحمد بن الحسن الحيري أنا حاجب بن [أحمد](٧) الطوسي
__________________
[٩٨٦] ـ هذا مرسل ، وأخرجه البيهقي (٣ / ٨٤ ، ٨٥) من وجه آخر عن ابن إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس به ، وهذا إسناده قوي صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث. وانظر «السيرة النبوية» (٢ / ٢٦٧).
[٩٨٧] ـ أخرجه البيهقي (٣ / ٨٦) من طريق ابن إسحاق عن رجال من بني مخزوم ، وهذا ضعيف. والصحيح اللفظ المقدم برقم ٩٨٥.
[٩٨٨] ـ حديث صحيح. عبد الرحيم بن منيب مجهول ، لكن قد توبع هو ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
قيس هو ابن أبي حازم.
وهو في «شرح السنة» ٣٦٤٥ بهذا الإسناد.
__________________
(١) في المطبوع «صنع».
(٢) تصحف في المطبوع «تردى».
(٣) في المطبوع «طيرت» وكلاهما بمعنى.
(٤) في المطبوع «معاذ».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) ما بين المعقوفتين في المخطوط عقب قول السدي والكلبي.
(٧) زيادة عن المخطوط.