ثنا عبد الرحيم بن منيب ثنا الفضل بن موسى ثنا إسماعيل بن [أبي](١) خالد عن قيس عن خباب رضي الله عنه قال :
شكونا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهو متوسّد بردة في ظل الكعبة ، [وقد لقينا من المشركين شدّة](١) ، فقلنا : ألا تدعو الله [لنا ، ألا تستنصر الله لنا](٢) ، فجلس محمارّا وجهه ، فقال : «لقد كان من قبلكم يؤخذ بالرجل فيحفر له في الأرض ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه ، ثم يجعل بفرقتين ما يصرفه عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب ما يصرفه عن دينه ، والله ليتمنّ هذا الأمر حتى يسير الراكب منكم من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله ولكنكم تستعجلون» (٣).
قوله : (وَإِنْ تَنْتَهُوا) ، يقول [الله](٤) للكفار : إن تنتهوا عن الكفر بالله وقتال نبيّه صلىاللهعليهوسلم ، (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا) ، لحربه وقتاله ، (نَعُدْ) بمثل الواقعة التي أوقعت بكم يوم بدر. وقيل : وإن تعودوا إلى الدعاء والاستفتاح نعد للفتح لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، (وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ) ، جماعتكم ، (شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) ، قرأ أهل المدينة وابن عامر وحفص (وَأَنَّ اللهَ) بفتح الهمزة ، أي : ولأن الله مع المؤمنين ، كذلك (وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً) ، وقيل : هو عطف على قوله : (ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨)) ، وقرأ الآخرون : (وَأَنَّ اللهَ) بكسر الألف على الابتداء.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) ، أي : لا تعرضوا عنه ، (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) ، القرآن ومواعظه.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١)) ، أي : يقولون بألسنتهم سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون ، أي : لا يتّعظون ولا ينتفعون بسماعهم فكأنهم لم يسمعوا.
قوله تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ) ، أي : شرّ من دبّ (٦) على وجه الأرض من خلق الله ، (عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ) ، عن الحق فلا يسمعونه ولا يقولونه ، (الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) أمر الله عزوجل سمّاهم
__________________
وأخرجه البخاري ٣٦١٢ و ٣٨٥٢ و ٦٩٤٣ وأبو داود ٢٦٤٩ وأحمد (٥ / ١٠٩ و ١١٠ و ١١١) و (٦ / ٣٩٥) والنسائي (٨ / ٢٠٤) مختصرا والبيهقي في «الشعب» ١٦٣٣ من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد به.
وأخرجه البخاري ٣٨٥٢ والنسائي في «الكبرى» ٥٨٩٣ وابن حبان ٢٨٩٧ من طرق عن سفيان عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم به.
(١) ما بين المعقوفتين زيادة من مصادر التخريج.
__________________
(١) زيد في المطبوع وط ، و «صحيح البخاري».
(٢) زيادة عن المخطوط وط و «شرح السنة» و «صحيح البخاري».
(٣) في هذا الحديث اضطراب في المخطوط والنسخ و «شرح السنة» و «صحيح البخاري» والمثبت عن ط ، و «شرح السنة».
(٤) زيد في المخطوط «الله».
(٥) في المطبوع وحده «الدواب».