فيفشونه ، حتى يبلغ المشركين.
[٩٩٣] وقال الزهري والكلبي : نزلت الآية في أبي لبابة هارون بن عبد المنذر الأنصاري من بني عوف [بن مالك](١) ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة ، فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصلح على ما صالح (٢) عليه إخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام ، فأبى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يعطيهم ذلك إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فأبوا وقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر ، وكان مناصحا لهم لأن ماله وولده وعياله كانت عندهم ، فبعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم [فأتاهم](٣) ، فقالوا له : يا أبا لبابة ما ترى أننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه أنه الذبح فلا تفعلوا ، قال أبو لبابة : والله ما زالت قدماي عن مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله ، ثم انطلق على وجهه ، ولم يأت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشدّ نفسه على سارية من سواري المسجد ، وقال : والله لا أبرح ولا أذوق طعاما ولا شرابا ، حتى أموت أو يتوب الله عليّ ، فلما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم خبره ، قال : «أما لو جاءني لاستغفرت له فأما إذا فعل ما فعل فإني لا أطلقه حتى يتوب الله عليه» ، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خرّ مغشيا عليه ثم تاب الله عليه ، فقيل له : يا أبا لبابة قد تيب عليك ، فقال : لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذي يحلني (٤) ، فجاء فحلّه بيده ، ثم قال أبو لبابة : يا رسول الله إنّ من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصيب فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي كله ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «يجزيك الثلث (١) [أن](٥) تتصدّق به» ، فنزلت فيه (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) ، (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) ، أي : ولا تخونوا أماناتكم ، (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، أنها أمانة.
وقيل : وأنتم تعلمون أن ما فعلتم من الإشارة إلى الحلق خيانة.
قال السدي : إذا خانوا الله والرسول فقد خانوا أماناتهم. وقال ابن عباس : لا تخونوا الله بترك فرائضه والرسول بترك سنّته وتخونوا أماناتكم. قال ابن عباس : هي ما يخفى عن أعين الناس من فرائض الله ، والأعمال التي ائتمن [الله](٦) العباد عليها. قال قتادة : اعلموا أنّ دين الله أمانة فأدّوا إلى الله عزوجل ما ائتمنكم عليه من فرائضه وحدوده ، ومن كانت عنده (٧) فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها.
(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩) وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠))
(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) ، قيل : هذا أيضا في أبي لبابة ، وذلك أن أمواله وأولاده
__________________
[٩٩٣] ـ ضعيف ، أثر الكلبي ليس بشيء لأنه متروك متهم ، وأما أثر الزهري ، فأخرجه الطبري ١٥٩٣٧ وهذا مرسل ، والزهري ضعيف المرسل. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٧٧.
(١) في الأصل «الثالث» وهو تصحيف.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «صالحوا».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيد في المطبوع «بيده».
(٥) زيادة عن المخطوط والطبري ١٥٩٣٧.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «عليه».