وأبرّ الناس ، وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالنا (١).
[١٠٥١] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا سعيد بن عفير حدّثني الليث حدّثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير : أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين ، فسألوه أن يردّ إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «[إن معي من ترون](١) وأحبّ الحديث إليّ أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال» ، قالوا : فإنّا نختار سبينا ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم [في المسلمين](٢) فأثنى على الله عزوجل بما هو أهله ، ثم قال : «أما بعد ، فإن إخوانكم هؤلاء جاءونا تائبين وإني قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم ، فمن أحبّ منكم أن يطيّب ذلك فليفعل ، ومن أحب أن يكون على حظ حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل» ، فقال الناس : قد طيبنا ذلك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم» ، فرجع الناس ، فكلّمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبروه أنهم قد طيّبوا وأذنوا».
فأنزل الله تعالى في قصة حنين : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) ، حتى قلتم : لن نغلب اليوم من قلّة ، (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ) ، كثرتكم ، (شَيْئاً) ، يعني : إن الظفر لا يكون بالكثرة ، (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) ، أي : برحبها وسعتها ، (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) منهزمين.
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (٢٦) ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨))
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ) بعد الهزيمة ، (سَكِينَتَهُ) ، يعني : الأمنة والطمأنينة ، وهي فعلية من السكون ، (عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) ، يعني : الملائكة. قيل : لا للقتال ولكن لتجبين الكفار وتشجيع المسلمين ، لأنه يروى أن الملائكة لم يقاتلوا إلّا يوم بدر ، (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، بالقتل والأسر وسبي العيال وسلب الأموال ، (وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ).
(ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ) ، فيهديه إلى الإسلام ، (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
__________________
(١) ذكره الثعلبي بغير سند كما في «تخريج الكشاف» (٢ / ٢٦٠) وانظر «دلائل النبوة» للبيهقي (٥ / ١٩١ ، ١٩٢) ، وانظر ما بعده.
[١٠٥١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري.
الليث هو ابن سعد ، عقيل هو ابن خالد ، ابن شهاب هو محمد بن مسلم.
وهو في «شرح السنة» ٢٧٠٩ بهذا الإسناد.
وفي «صحيح البخاري» ٢٣٠٧ عن سعيد بن عفير به.
وأخرجه أبو داود ٢٦٩٣ والبيهقي في «الدلائل» (٥ / ١٩٠ ، ١٩١) عن الليث به.
__________________
(١) ليست في «صحيح البخاري».
(٢) زيادة عن «صحيح البخاري».