في زمانه الملل كلّها إلّا [ملة](١) الإسلام».
[١٠٦٠] وروى المقداد قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلّا أدخله الله كلمة الإسلام إمّا بعزّ عزيز أو ذلّ ذليل» ، إمّا يعزّهم الله فيجعلهم من أهله (٢) [فيعزوا به](٣) ، أو يذلّهم فيذلون له (٤). قلت : فيكون الدين كله لله.
[١٠٦١] أخبرنا أبو سعيد الشريحي أنا أبو إسحاق الثعلبي أنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب ثنا أبو جعفر محمد [بن] سليمان بن منصور ثنا أبو مسلم بن إبراهيم بن عبد الله الكجي (٥) ثنا أبو عاصم النبيل ثنا عبد الحميد هو ابن جعفر عن الأسود بن العلاء عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللّات والعزّى» ، قالت : قلت : يا رسول الله ما كنت أظن أن يكون ذلك بعد ما أنزل الله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)) ، ثم قال : «يكون ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله تعالى ريحا طيبة فتقبض من كان في قلبه مثقال ذرة من خير ، ثم يبقى من لا خير فيه ، فيرجع الناس إلى دين آبائهم».
قال الحسين بن الفضل : معنى الآية ليظهره على الدين كله بالحجج الواضحة. وقيل : ليظهره على الأديان التي حول النبيّ صلىاللهعليهوسلم فيغلبهم (٦). قال الشافعي رحمهالله : فقد أظهر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم على الأديان كلّها بأن أبان لكل من سمعه أنه الحق ، وما خالفه من الأديان باطل ، وقال : وأظهره على الشرك دين (٧) أهل الكتاب ودين الأميين فقهر رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأميين حين دانوا بالإسلام طوعا وكرها ، وقتل أهل الكتاب وسبى ، حتى دان بعضهم بالإسلام وأعطى بعضهم الجزية صاغرين وجرى عليهم حكمه ، فهذا ظهوره (٨) على الدين كله ، والله أعلم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ) ، يعني : العلماء والقراء من
__________________
[١٠٦٠] ـ جيد. أخرجه أحمد (٦ / ٤) وابن حبان ٦٦٩٩ و ٦٧٠١ والطبراني (٢٠ / ٦٠١) وابن مندة في «الإيمان» ١٠٨٤ من طرق عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن سليم بن عامر عن المقداد به.
وإسناده قوي على شرط مسلم. وابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد وقد صرح الوليد بالحديث ، فانتفت شبهة التدليس.
[١٠٦١] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم.
أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد ، أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه مسلم ٢٩٠٧ وأبو يعلى ٤٥٦٤ والبغوي في «شرح السنة» ٤١٨٤ من طريق عبد الحميد بن جعفر به.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «أهلها».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «فيدينون».
(٥) في المطبوع «البلخي» والمثبت عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «فيغلبها» والمثبت عن المخطوط.
(٧) العبارة في المخطوط «أظهره بأن إجماع الشرك دينان دين أهل الكتاب»!.
(٨) في المخطوط «فقد أظهره».