أهل الكتاب ، (لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) ، يريد ليأخذون الرشا في أحكامهم ويحرّفون كتاب الله ويكتبون بأيديهم كتابا يقولون [هذه] من عند الله ، ويأخذون بها ثمنا قليلا من سفلتهم ، وهي المآكل (١) التي يصيبونها منهم على تغيير نعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم يخافون لو صدقوه لذهبت عنهم تلك المآكل ، (وَيَصُدُّونَ) ، ويصرفون الناس ، (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ، [عن](٢) دين الله عزوجل : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ، قال ابن عمر رضي الله عنهما : كل ما تؤدّى زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا ، وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز ، وإن لم يكن مدفونا ، ومثله عن ابن عباس.
[١٠٦٢] أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنا عبد الغافر (٣) بن محمد أنا محمد بن عيسى الجلودي ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج حدثني سويد بن سعيد ثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم أن أبا صالح ذكوان أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي منها حقّها إلّا إذا كان يوم القيامة ، صفّحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره ، كلما بردت (٤) أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار» ، قيل : يا رسول الله فالإبل؟ قال : «ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقّها ومن حقها حلبها يوم وردها ، إلّا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضّه بأفواهها ، كلّما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار» ، قيل : يا رسول الله فالبقر والغنم؟ قال : «ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقّها ، إلّا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها ، كلّما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار».
[١٠٦٣] وروينا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من آتاه الله مالا فلم يؤدّ زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه ـ يعني : شدقيه ـ ثم يقول : أنا مالك أنا كنزك» ، ثم تلا : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ) الآية.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : كل مال زاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز
__________________
[١٠٦٢] ـ حديث صحيح ، رجاله رجال مسلم ، لكن سويد بن سعيد ضعفه غير واحد ، وقد توبع هو ومن دونه.
وهو في «شرح السنة» ١٥٥٦ بهذا الإسناد.
وفي «صحيح مسلم» ٩٨٧ عن سويد بن سعيد به.
وأخرجه البيهقي (٤ / ١١٩ و ١٣٧ و ١٨٣) و (٧ / ٣) من طريق زيد بن أسلم به.
وأخرجه مسلم ٩٨٧ ح ٩٦ وأبو داود ١٦٥٨ و ١٦٥٩ وعبد الرزاق ٦٨٥٨ وأحمد (٢ / ٢٦٢ و ٢٧٦ و ٣٨٣) وابن خزيمة ٢٢٥٢ وابن حبان ٣٢٥٣ والبيهقي (٤ / ٨١) من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبي صالح به.
وأخرجه النسائي (٥ / ١٢ ، ١٣) من طريق أبي عمرو الغداني عن أبي هريرة به.
[١٠٦٣] ـ تقدم في سورة آل عمران آية : ١٨٠.
__________________
(١) في المخطوط «المأكلة».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) تصحف في المخطوط إلى «الغفار».
(٤) في المطبوع «برردت» والتصويب عن المخطوط و «صحيح مسلم».