أربعة أشهر كما حرّم الله فيكون الموافقة في العدد ، (فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ) ، قال ابن عباس : يريد زيّن لهم الشيطان ، (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩) إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠))
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) الآية ، نزلت في الحثّ على غزوة تبوك ، وذلك أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لما رجع من الطائف أمر بالجهاد لغزوة الروم ، وكان ذلك في زمان عسرة من الناس وشدّة من الحرّ حين طابت الثمار والظلال ، ولم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد غزوة إلّا ورّى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حرّ شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز هائلة وعدوا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ولم يورها بغيرها ليتأهّبوا أهبة عدوهم ، فشقّ عليهم الخروج وتثاقلوا فأنزل الله تعالى (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ) أي : قال لكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (انْفِرُوا) أخرجوا في سبيل الله (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) [أي : تثاقلتم وتباطأتم إلى الأرض](١) ، أي : لزمتم أرضكم ومساكنكم ، (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) ، أي : بخفض الدنيا ودعتها من نعيم الآخرة ، (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) ، ثم أوعدهم على ترك الجهاد. فقال تعالى : (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) ، في الآخرة ، وقيل : هو احتباس المطر (٢) عنهم في الدنيا.
[١٠٧٠] وسأل نجدة بن نفيع ابن عباس عن هذه الآية ، فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم استنفر حيا من أحياء العرب فتثاقلوا عليه فأمسك [الله](٣) عنهم المطر ، فكان ذلك عذابهم.
(وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) خيرا منكم وأطوع ، قال سعيد بن جبير : هم أبناء فارس. وقيل : هم أهل اليمن ، (وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً) ، بترككم النفير ، (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) ، هذا إعلام من الله عزوجل أنه المتكفّل بنصر رسوله
__________________
(١) انظر «أسباب النزول» للواحدي ٥٠٢ وقد ورد هذا الخبر عند الطبري ١٦٧٣٥ عن مجاهد مرسلا بنحوه ، وعند ابن سعد في الطبقات (٢ / ١٢٦) عن حديث كعب بن مالك.
[١٠٧٠] ـ باطل ، أخرجه الحاكم (٢ / ١١٨) والطبري ١٦٧٣٦ والبيهقي (٩ / ٤٨) من رواية عبد المؤمن عن نجدة بن نفيع عن ابن عباس ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي! ومداره على نجدة ، وهو مجهول ، والمتن باطل ، إذ لم يحصل ذلك ، ثم إن العذاب الأليم ليس بحبس المطر ، لأنهم يمكنهم الانتقال إلى موضع آخر ، والمراد عذاب النار كما هو القول المتقدم.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «القطر».
(٣) زيادة عن المخطوط.