سْتَبْشِرُونَ)، يفرحون بنزول القرآن.
(وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ، شكّ ونفاق ، (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) ، أي : [كفرا إلى](١) كفرهم فعند نزول كل سورة ينكرونها يزداد كفرهم بها. قال مجاهد : هذه الآية إشارة إلى أن الإيمان يزيد وينقص ، وكان عمر يأخذ بيد الرجل والرجلين من أصحابه فيقول : تعالوا حتى نزداد إيمانا.
وقال عليّ بن أبي طالب : إن الإيمان يبدو لمظة (٢) بيضاء في القلب ، فكلّما ازداد الإيمان عظما ازداد ذلك البياض حتى يبيض القلب كلّه ، وإن النفاق يبدو لمظة (٣) سوداء في القلب فكلما ازداد النفاق ازداد السواد حتى يسودّ القلب كله ، وأيم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض ، ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود. (وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ).
(أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧) لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩))
قوله : (أَوَلا يَرَوْنَ) ، قرأ حمزة ويعقوب : «ترون» بالتاء على خطاب النبيّ والمؤمنين ، وقرأ الآخرون بالياء خبر عن المنافقين المذكورين. (أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ) يبتلون (فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) ، بالأمراض والشدائد. وقال مجاهد : بالقحط والشدّة. وقال قتادة : بالغزو والجهاد. وقال مقاتل بن حيان : يفضحون بإظهار نفاقهم. وقال عكرمة : ينافقون ثم يؤمنون ثم ينافقون. وقال يمان [بن رباب](٤) : ينقضون عهدهم في السنة مرّة أو مرتين. (ثُمَّ لا يَتُوبُونَ) ، من نقض العهد ولا يرجعون إلى الله من النفاق ، (وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) ، أي : ولا يتّعظون بما يرون من تصديق وعد الله بالنصر والظفر للمسلمين.
(وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) ، فيها عيب المنافقين وتوبيخهم ، (نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) ، يريدون الهرب يقول بعضهم لبعض إشارة ، (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) ، أي : أحد من المؤمنين ، إن قمتم فإن لم يرهم أحد خرجوا من المسجد وإن علموا أن أحدا يراهم أقاموا وثبتوا ، (ثُمَّ انْصَرَفُوا) ، عن الإيمان بها. وقيل : انصرفوا عن مواضعهم التي يسمعون فيها ، (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ، عن الإيمان. قال أبو إسحاق الزجاج : أضلّهم الله مجازاة على فعلهم ذلك ، (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) ، عن الله دينه. قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تقولوا إذا صليتم : انصرفنا من الصلاة فإنّ قوما انصرفوا فصرف (٥) الله قلوبهم ، ولكن قولوا قد قضينا الصّلاة.
قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) ، تعرفون نسبه وحسبه ، قال السدي : من
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «لمعة» والمثبت عن المخطوط وفي «غريب الحديث» : اللّمظة مثل النكتة أو نحوها من البياض. وفي «القاموس» النكتة السوداء في القلب.
(٣) في المطبوع «لمعة».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «صرف».