البروج ، وهي اثنا عشر برجا : الحمل والثور والجوزاء ، والسرطان (١) والأسد والسنبلة ، والميزان والعقرب والقوس ، والجدي والدلو والحوت ، فلكل برج منزلان وثلث منزل ، فينزل القمر كل ليلة منزلا منها ، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين ، وإن كان [الشهر](٢) تسعا وعشرين فليلة واحدة ، فيكون [انقضاء الشهر بنزول](٣) تلك المنازل ويكون مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يوما وثلث يوم ، فيكون انقضاء السنة من انقضائها. قوله تعالى : (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ) ، أي : قدر المنازل. (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ) دخولها وانقضاءها ، (وَالْحِسابَ) ، يعني : حساب الشهور والأيام والساعات. (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ) ، ردّه إلى الخلق والتقدير ولو لا ردّه إلى الأعيان المذكورة لقال تلك ، (إِلَّا بِالْحَقِ) ، أي : لم يخلقه باطلا بل إظهارا لصنعه ودلالة على قدرته. (يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو و [أبو جعفر](٤) وحفص ويعقوب : (يُفَصِّلُ) بالياء ، لقوله : (ما خَلَقَ) ، وقرأ الباقون : «نفصل» بالنون على التعظيم.
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)) ، يؤمنون.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) ، أي : لا يخافون عقابنا ولا يرجون ثوابنا ، والرجاء يكون بمعنى (٥) الخوف والطمع ، (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) ، فاختاروها وعملوا لها (٦) ، (وَاطْمَأَنُّوا بِها) ، وسكنوا إليها.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) ، أي : عن أدلّتنا لا يعتبرون. وقال ابن عباس رضي الله عنهما : عن آياتنا [أي](٧) عن محمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن غافلون معرضون.
(أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩) دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠) وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١))
(أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨)) ، من الكفر والتكذيب.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) ، فيه إضمار ، أي : يرشدهم ربهم بإيمانهم إلى جنات ، (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) ، وقال مجاهد : يهديهم على الصراط إلى الجنّة يجعل لهم نورا يمشون به. وقيل : يهديهم معناه يثيبهم ويجزيهم. وقيل : معناه بإيمانهم يهديهم ربهم لدينه ، أي : بتصديقهم هداهم تجري من تحتهم الأنهار ، أي : بين أيديهم ؛ كقوله عزوجل : (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) [مريم : ٢٤] ، لم يرد به أنه تحتها وهي قاعدة عليه ، بل أراد بين يديها. وقيل : تجري من تحتهم أي : بأمرهم ، (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ).
(دَعْواهُمْ) ، أي : قولهم وكلامهم. وقيل : دعاؤهم. (فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ) ، وهي كلمة تنزيه ، تنزّه الله من كل سوء.
__________________
(١) في المخطوط «الصرطان».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «مع».
(٦) في المطبوع «وعملوها» والمثبت عن المخطوط.
(٧) زيادة عن المخطوط.