وروينا : «أن أهل الجنة يلهمون الحمد والتسبيح ، كما يلهمون النّفس».
قال أهل التفسير : هذه الكلمة علامة بين أهل الجنّة والخدم في الطعام فإذا أرادوا الطعام قالوا : سبحانك اللهمّ فأتوهم في الوقت بما يشتهون على الموائد ، كل مائدة ميل في ميل ، على كل مائدة سبعون ألف صحفة ، وفي كل صحفة لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضا فإذا فرغوا من الطعام حمدوا الله ، فذلك قوله تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). قوله تعالى : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) ، أي : يحيّي بعضهم بعضا بالسلام. وقيل : تحية الملائكة لهم بالسلام. وقيل : تأتيهم الملائكة من عند ربهم بالسلام. (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، يريد يفتتحون كلامهم بالتسبيح ويختمونه بالتحميد.
قوله عزوجل : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) ، قال ابن عباس : هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده : لعنكم الله ولا بارك الله فيكم. قال قتادة : هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب. معناه : لو يعجل الله للناس إجابة دعائهم في الشر والمكروه (١) استعجالهم بالخير ، أي : كما يحبون استعجالهم بالخير ، (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) ، قرأ ابن عامر ويعقوب : (لَقُضِيَ) بفتح القاف والضاد ، (أَجَلُهُمْ) نصب ، أي : لأهلك من دعى عليه وأماته (٢). وقال الآخرون : (لَقُضِيَ) بضم القاف وكسر الضاد (أَجَلُهُمْ) رفع ، أي : لفرغ من هلاكهم وماتوا جميعا. وقيل : إنها نزلت في النضر بن الحارث حين قال : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، يدلّ عليه قوله عزوجل : (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) ، لا يخافون البعث والحساب ، (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ).
[١١٤٦] أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار أنبأنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ إنّي اتخذت عندك عهدا لن تخلفه (٣) إنما أنا بشر (٤) ، فأيّ المؤمنين آذيته أو شتمته أو جلدته أو لعنته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقرّبه بها يوم القيامة».
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ
__________________
[١١٤٦] ـ صحيح ، إسناده صحيح أحمد بن منصور ثقة ، وقد توبع هو ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
عبد الرزاق هو ابن همام ، معمر هو ابن راشد.
وهو في «شرح السنة» ١٢٣٢ بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (٢ / ٣١٦ ، ٣١٧) وابن حبان ٦٥١٦ من طريق عبد الرزاق به.
وورد من وجه آخر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا بمعناه أخرجه البخاري ٦٣٦١ ومسلم ٢٦٠١ وابن حبان ٦٥١٦.
وأخرجه مسلم ٦٣٦١ وأحمد (٢ / ٤٤٩ و ٤٩٣ و ٤٩٦) من طرق عن أبي هريرة بنحوه.
__________________
(١) في المطبوع «الكروه» والمثبت عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «فلأماته».
(٣) في المطبوع «تخلفينه» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».
(٤) زيد في المطبوع «فيصدر مني ما يصدر من البشر».