سبعمائة ضعف. وقال مجاهد : الحسنى : حسنة مثل حسنة ، والزيادة المغفرة والرضوان. (وَلا يَرْهَقُ) ، لا يغشى (وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ) ، غبار ، جمع قترة. وقال ابن عباس وقتادة : سواد الوجه (١) ، (وَلا ذِلَّةٌ) ، هوان قال قتادة : كآبة. قال ابن أبي ليلى : هذا بعد نظرهم إلى ربهم. (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
(وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) ، أي : لهم مثلها ، كما قال : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) [الأنعام : ١٦٠]. (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) ، و (مِنَ) صلة ، أي : ما لهم من الله عاصم ، (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ) ، ألبست ، (وُجُوهُهُمْ قِطَعاً) ، جمع قطعة ، (مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) ، نصبه (٢) على الحال دون النعت ، ولذلك لم يقل : مظلمة ، تقديره : قطعا من الليل في حال ظلمته أو قطعا من الليل المظلم. وقرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب : (قِطَعاً) ساكنة الطاء ، أي بعضا ؛ كقوله : (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) [هود : ٨١]. (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ) ، أي : الزموا مكانكم ، (أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ) ، يعني : الأوثان ، معناه : ثم نقول للذين أشركوا الزموا أنتم وشركاؤكم مكانكم ولا تبرحوا. (فَزَيَّلْنا) ميّزنا وفرّقنا (بَيْنَهُمْ) ، أي : بين المشركين وشركائهم وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا وذلك حين يتبرّأ كل معبود من دون الله ممن عبده ، (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ) ، يعني : الأصنام ، (ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) ، بطلبتنا فيقولون : بلى كنّا نعبدكم ، فتقول الأصنام :
(فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣١) فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢))
(فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩)) ، أي : ما كنّا عن عبادتكم إيّانا إلا غافلين ، ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل.
قال الله تعالى : (هُنالِكَ تَبْلُوا) ، أي تختبر. وقيل : معناه تعلم وتقف عليه (٣). وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب : «تتلو» بتاءين أي تقرأ ، (كُلُّ نَفْسٍ) ، صحيفتها. وقيل : معناه تتبع كل نفس ، (ما أَسْلَفَتْ) ، ما قدّمت من خير أو شر. وقيل : معناه تعاين ، (وَرُدُّوا إِلَى اللهِ) ، إلى حكمه فيتفرّد فيهم بالحكم ، (مَوْلاهُمُ الْحَقِ) ، الذي يتولّى ويملك أمرهم (٤) ، فإن قيل : أليس قد قال : (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ)؟ قيل : المولى هناك بمعنى (٥) الناصر ، وهاهنا بمعنى المالك ، (وَضَلَّ عَنْهُمْ) ، زال عنهم وبطل ، (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) ، في الدنيا من التكذيب.
قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ، أي : من السماء بالمطر ومن الأرض بالنبات ، (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) ، أي : من إعطائكم السمع والأبصار ، (وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) ، يخرج الحي من النطفة والنطفة من الحي ، (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) ، أي : [من] يقضي الأمر ،
__________________
(١) في المخطوط «الوجوه».
(٢) في المطبوع «ننصبه».
(٣) في المخطوط «يقف عليها».
(٤) العبارة في المخطوط «الذي يتولى أمرهم ويملكه».
(٥) في المطبوع «هو».