(فَسَيَقُولُونَ اللهُ) ، هو الذي يفعل هذه الأشياء ، (فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) ، أفلا تخافون عقابه في شرككم.
وقيل : أفلا تتّقون الشرك مع هذا الإقرار.
(فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ) ، الذي يفعل هذه الأشياء هو ربكم ، (الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) ، أي : فأين تصرفون عن عبادته وأنتم مقرّون به.
(كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٥))
(كَذلِكَ) ، قال الكلبي : هكذا ، (حَقَّتْ) ، وجبت ، (كَلِمَةُ رَبِّكَ) ، حكمه السابق ، (عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا) ، كفروا ، (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ، قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر : كلمات ربّك بالجمع هاهنا موضعين وفي [حم](١) المؤمن [٦] ، والآخرون على التوحيد.
قوله : (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) ، أوثانكم (مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) ، ينشئ الخلق من غير أصل ولا مثال ، (ثُمَّ يُعِيدُهُ) ، ثم يحييه من [بعد](٢) الموت كهيئته ، فإن أجابوك وإلا ف (قُلْ) أنت ، (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) ، أي : تصرفون عن قصد (٣) السبيل.
(قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي) ، [أي](٤) : يرشد ، (إِلَى الْحَقِ) ، فإذا قالوا لا ، ولا بدّ لهم من ذلك ، (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِ) ، أي : إلى الحق ، (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي) ، قرأ حمزة والكسائي ساكنة الهاء ، خفيفة الدال ، وقرأ الآخرون بتشديد الدال ثم قرأ أبو جعفر وقالون بسكون الهاء ، وأبو عمرو يروم الهاء بين الفتح والسكون ، وقرأ حفص بفتح الياء وكسر الهاء (٥) ، وأبو بكر بكسرهما ، والباقون بفتحهما ، ومعناه : يهدي في جميعها. فمن خفّف (٦) الدال قال : يقال هديته فهدى ، أي : اهتدى ، ومن شدّد الدال أدغم التاء في الدال ، ثم أبو عمرو يروم على مذهبه في إيثار (٧) التخفيف ، ومن سكّن الهاء تركها على حالتها كما فعل في (تعدوا) و (يخصمون) ، ومن فتح الهاء نقل فتحة التاء (٨) المدغمة (١) إلى الهاء ، ومن كسر الهاء فلالتقاء الساكنين ، وقال : الجزم يحرّك إلى الكسر ، ومن كسر الياء مع الهاء أتبع الكسرة إلى الكسرة. قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يُهْدى) ، معنى الآية : الله الذي يهدي إلى الحق أحق بالاتّباع أم الصنم الذي لا يهتدي إلا أن يهدى. فإن قيل : كيف قال : (إِلَّا أَنْ يُهْدى) ، والصنم لا يتصوّر أن يهتدي ولا أن يهدى؟ قيل : معنى الهداية في حق الأصنام الانتقال ، أي : أنها لا تنتقل من مكان إلى مكان إلا أن تحمل وتنقل ، بيّن به عجز الأصنام. وجواب آخر وهو : أن ذكر الهداية على وجه المجاز [يحرك إلى الكسر](٩) ، وذلك أن المشركين لمّا اتخذوا الأصنام آلهة وأنزلوها منزلة من يسمع ويعقل عبّر عنها
__________________
(١) التاء المدغمة في أصل الكلمة «يهتدي».
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «قصف» والمثبت عن المخطوط وط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المطبوع «التاء» والمثبت عن ط والمخطوط.
(٦) في المطبوع «خالف» والمثبت عن المخطوط وط.
(٧) في المخطوط «إثبات».
(٨) في المطبوع «الهاء» والمثبت عن ط والمخطوط.
(٩) زيادة عن المخطوط.