وقال الزهري وقتادة : هي نزول الملائكة بالبشارة من [عند](١) الله تعالى عند الموت ، قال الله تعالى : (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت : ٣٠] ، وقال عطاء [بن السائب](٢) عن ابن عباس : البشرى في الدنيا [يريد](٣) عند الموت تأتيهم الملائكة بالبشارة ، وفي الآخرة عند خروج نفس المؤمن من يعرج بها إلى الله ويبشّر برضوان الله. وقال الحسن : هي ما بشّر الله المؤمنين [به](٤) في كتابه من جنّته وكريم ثوابه ، كقوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [البقرة : ٢٥] ، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٢٢٣] ، (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ) [فصلت : ٣٠]. وقيل : بشّرهم (٥) في الدنيا بالكتاب والرسول أنهم أولياء الله ، ويبشّرهم (٦) في القبور (٧) وفي كتب أعمالهم بالجنّة. (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) ، لا تغيير (٨) ؛ لقوله ولا خلف لوعده. (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) ، يعني : قول المشركين ، [قرأ نافع : (وَلا يَحْزُنْكَ) بضم الياء وكسر الزاي ، وقرأ الآخرون (يَحْزُنْكَ) بفتح الياء وضم الزاي ، وهما لغتان ، يقال : حزنه الشيء يحزنه وأحزنه](٩) ، تمّ الكلام هاهنا ثم ابتدأ ، فقال : (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ) ، يعني : الغلبة والقدرة لله (جَمِيعاً) ، هو ناصرك وناصر دينك والمنتقم منهم ، قال سعيد بن المسيّب : إنّ العزّة لله جميعا ، يعني : أن الله يعزّ من يشاء ، كما قال في آية أخرى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون : ٨] ، وعزّة الرسول والمؤمنين بالله فهي كلّها لله ، (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٨) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠))
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ) ، هو إمّا استفهام معناه : وأيّ شيء يتّبع الذين يدعون من دون الله شركاء؟ وقيل : وما يتبعون حقيقة لأنهم يعبدونها على ظنّ أنهم شركاء فيشفعون لنا وليس على ما يظنون ، (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) ، يظنون أنها تقرّبهم إلى الله ، (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) ، يكذبون.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) ، مضيئا يبصر فيه ، كقولهم : ليل نائم وعيشة راضية. قال قطرب : تقول العرب : أظلم الليل وأضاء النهار وأبصر ، أي : صار ذا ظلمة وضياء وبصر ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ، سمع الاعتبار أنه ممّا لا يقدر عليه إلّا عالم قادر.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «بشراهم».
(٦) في المخطوط «بشراهم».
(٧) في المخطوط «القبر».
(٨) في المطبوع «تغيّر» والمثبت عن المخطوط.
(٩) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع.