خبرها ، والمعنى : أيّ شيء جئتم به؟ وقوله : «السحر» بدل عنها](١) ، وقرأ الباقون (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) ، بوصل الألف من غير مدّ ، [و (ما) في هذه القراءة موصولة بمعنى الذي و (جِئْتُمْ بِهِ) ، صلتها وهي مع الصلة في موضع الرفع بالابتداء ، وقوله : (السِّحْرُ) خبره أي الذي جئتم به السحر](٢) ، وتقوي هذه القراءة قراءة ابن مسعود «ما جئتم به سحر» ، بغير الألف واللام. (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ).
(وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) ، بآياته ، (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ).
(فَما آمَنَ لِمُوسى) ، لم يصدّق موسى مع ما آتاهم به من الآيات ، (إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) ، اختلفوا في الهاء التي في (قَوْمِهِ) ، قيل : هي راجعة إلى موسى ، وأراد بهم مؤمني بني إسرائيل الذين كانوا بمصر وخرجوا معه. قال مجاهد : كانوا أولاد الذين أرسل إليهم موسى من بني إسرائيل هلك الآباء وبقي الأبناء. وقال الآخرون : الهاء راجعة إلى فرعون. وروى عطية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هم ناس يسير من قوم فرعون آمنوا منهم امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون وخازن فرعون وامرأة خازنه وماشطة ابنته. وعن ابن عباس رواية أخرى : أنهم كانوا سبعين ألف (٣) بيت من القبط من آل فرعون ، وأمهاتهم من بني إسرائيل فجعل الرجل يتبع أمه وأخواله. وقيل : هم قوم نجوا من قتل فرعون ، وذلك أن فرعون لما أمر بقتل أبناء بني إسرائيل كانت المرأة من بني إسرائيل إذا ولدت ابنا وهبته لقبطية خوفا [عليه](٤) من القتل ، فنشئوا عند القبط ، وأسلموا في اليوم الذي غلبت السحرة [فيه](٥). قال الفراء : سمّوا ذرية لأن آباءهم كانوا من القبط وأمهاتهم من بني إسرائيل ، كما يقال لأولاد أهل فارس الذين سقطوا إلى اليمن الأبناء ، لأن أمّهاتهم من غير جنس آبائهم ، (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) ، قيل : أراد بفرعون آل فرعون ، أي : على خوف من آل فرعون وملئهم ؛ كما قال : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ، أي : أهل القرية. وقيل : إنما قال : (وَمَلَائِهِمْ) ، وفرعون واحد لأن الملك إذا ذكر يفهم منه هو وأصحابه ، كما يقال قدم الخليفة يراد هو ومن معه. وقيل : أراد ملأ الذرية ، فإن ملأهم كانوا من قوم فرعون. (أَنْ يَفْتِنَهُمْ) ، أي : يصرفهم عن دينهم ولم يقل يفتنوهم لأنه أخبر عن فرعون وكان قومه على مثل ما كان عليه فرعون ، (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ) ، لمتكبّر ، (فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) ، المجاوزين الحدّ لأنه كان عبدا فادّعى الربوبية.
(وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (٨٤) فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٨٥) وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٨٦) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧) وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨))
(وَقالَ مُوسى) لمؤمني قومه : (يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ).
__________________
(١) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع.
(٢) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع.
(٣) في المخطوط «سبعون أهل».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.