الكوفة (١). وقال : اتّخذ نوح السفينة في جوف مسجد الكوفة. وكان التنّور على يمين الداخل مما يلي باب [بني](١) كندة ، وكان فوران الماء منه علما لنوح عليهالسلام. وقال مقاتل : كان ذلك تنور آدم وكان بالشام بموضع يقال له عين وردة.
وروي عن ابن عباس : أنه كان بالهند. والفوران : الغليان. قوله تعالى : (قُلْنَا احْمِلْ فِيها) ، أي : في السفينة ، (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) ، الزوجان : كل اثنين لا يستغني أحدهما عن الآخر ، يقال لكل واحد منهما زوج ، يقال : زوج خف وزوج نعل ، والمراد بالزوجين هاهنا : الذكر والأنثى. قرأ حفص هاهنا وفي سورة المؤمنين [٢٧] : (مِنْ كُلٍ) بالتنوين ، أي : من كل صنف زوجين اثنين ، ذكره تأكيدا. وفي القصة : أن نوحا عليه الصّلاة والسلام قال : يا ربّ كيف أحمل من زوجين اثنين ، [ولا أعرف الذكر من الأنثى](٢)؟ فحشر الله إليه الوحوش والسباع والهوام والطير ، فجعل يضرب بيديه في كل جنس فيقع الذكر في يده اليمنى والأنثى في يده اليسرى ، فيحمله في السفينة ، (وَأَهْلَكَ) ، أي : واحمل أهلك ، أي : ولدك وعيالك ، (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) ، بالهلاك يعني امرأته واعلة وابنه كنعان ، (وَمَنْ آمَنَ) ، يعني : واحمل من آمن بك ، قال الله تعالى : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) ، واختلفوا في عددهم ، قال قتادة وابن جريج ومحمد بن كعب القرظي : لم يكن في السفينة إلا ثمانية ، نوح وامرأته وثلاثة بنين له [سام وحام يافث ، ونساؤهم. وقال الأعمش : كانوا سبعة نوح وثلاثة بنين له](٣) وثلاث كنائن.
وقال ابن إسحاق : كانوا عشرة سوى نسائهم ، نوح وبنوه سام وحام ويافث وستة أناس ممن كان آمن به وأزواجهم جميعا. وقال مقاتل : كانوا اثنين وسبعين نفرا نوحا وامرأته وبنيه الثلاثة ونسائهم ، فجميعهم ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان [في](٤) سفينة نوح ثمانون رجلا أحدهم جرهم (٥). قال مقاتل : حمل نوح معه جسد آدم فجعله معترضا بين الرجال والنساء وقصد نوحا جميع الدواب والطيور ليحملها.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أول ما حمل نوح الدرة وآخر ما حمل الحمار ، فلما دخل الحمار ودخل صدره تعلق إبليس بذنبه ، فلم يستقل رجلاه فجعل نوح يقول : ويحك ادخل فنهض فلم يستطع ، حتى قال نوح : ويحك ادخل وإن كان الشيطان معك كلمة زلّت على لسانه ، فلما قالها نوح خلّى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه ، فقال له نوح : ما أدخلك عليّ يا عدوّ الله؟ قال : ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك ، قال : اخرج عني يا عدوّ الله ، فقال : ما لك بدّ من أن تحملني معك ، فكان فيما يزعمون في ظهر الفلك (٢).
وروي عن بعضهم : أن الحية والعقرب أتيا نوحا فقالتا : احملنا ، فقال : إنكما سبب الضر والبلاء ، فلا أحملكما ، فقالتا له : احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضرّ أحدا ذكرك فمن قرأ حين خاف مضرّتهما
__________________
(١) لا أصل له عن الشعبي ، فإنه إمام علّامة لا يحلف بالله تعالى على خبر متلقى من الإسرائيليات ، والصواب في ذلك أن يقال : الله أعلم.
(٢) هذه الآثار مصدرها كتب الأقدمين.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيد في المطبوع وط.
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في المخطوط «جدهم».