(وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠)) ، والودود له معنيان ، أحدهما : أنه محب للمؤمنين ، وقيل : هو بمعنى المودود أي المحبوب للمؤمنين. وجاء في الخبر : إن شعيبا عليهالسلام كان خطيب الأنبياء عليهمالسلام.
(قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ) ، [أي :](١) ما نفهم ، (كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) ، وذلك أنه كان ضرير البصر (١) ، فأرادوا ضعف البصر ، (وَلَوْ لا رَهْطُكَ) ، عشيرتك وكان في منعة من قومه ، (لَرَجَمْناكَ) ، لقتلناك. والرجم : أقبح القتل. (وَما أَنْتَ عَلَيْنا) ، عندنا ، (بِعَزِيزٍ).
(قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) ، أمكان (٢) رهطي أهيب عندكم من الله ، [أي :](٣) إن تركتم قتلي لمكان رهطي فالأولى أن تحفظوني في الله. (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) ، أي : نبذتم أمر الله وراء ظهوركم وتركتموه ، (إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
(وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) ، أي : على تؤدتكم وتمكّنكم. يقال : فلان يعمل على مكانته إذا عمل على تؤدة وتمكّن. (إِنِّي عامِلٌ) ، على تمكّني ، ف (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ، أيّنا الجاني على نفسه والمخطئ في فعله ، فذلك قوله : (مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ) يذلّه ، (وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) ، قيل : (مَنْ) في محل النصب ، أي : فسوف تعلمون الكاذب. وقيل : محله رفع ، تقديره : ومن هو كاذب يعلم كذبه ويذوق وبال أمره. (وَارْتَقِبُوا) ، وانتظروا العذاب (إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) ، منتظر.
(وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١))
(وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) ، قيل : إن جبريل عليهالسلام صاح بهم صيحة فخرجت أرواحهم. وقيل : أتتهم صيحة من السماء فأهلكتهم. (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) ، ميتين.
(كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا) ، [أي : كأن لم يقيموا](٤) ولم يكونوا ، (فِيها أَلا بُعْداً) ، هلاكا ، (لِمَدْيَنَ كَما
__________________
(١) لم يثبت أنه عليهالسلام كان أعمى ، وإنما هو من أخبار الإسرائيليين ومرادهم بالضعف ضعف القوة هذا هو ظاهر الآية ، فلا يعدل عنه بخبر إسرائيلي.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «إن كان».
(٣) ليس في المخطوط.
(٤) زيد في المطبوع وط.