إسحاق [السراج](١) أنبأنا قتيبة أنبأنا الليث وبكر بن مضر عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كلّ يوم خمس [مرات](٢) هل يبقى من درنه شيء؟» قالوا : لا يبقى من درنه شيء ، قال : «فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا».
قوله عزوجل : (ذلِكَ) ، أي : ذلك الذي ذكرنا. وقيل : هو إشارة إلى القرآن ، (ذِكْرى) عظة (لِلذَّاكِرِينَ) ، أي : لمن ذكره.
(وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥))
(وَاصْبِرْ) يا محمد على ما تلقى من الأذى. وقيل : على الصلاة (٣) ، نظيره : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) [طه : ١٣٢]. (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) ، في أعمالهم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني المصلّين.
(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (١١٧) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩))
قوله عزوجل : (فَلَوْ لا) ، فهلا ، (كانَ مِنَ الْقُرُونِ) ، التي أهلكناهم ، (مِنْ قَبْلِكُمْ) ، الآية للتوبيخ ، (أُولُوا بَقِيَّةٍ) ، أي : أولو تمييز. وقيل : أولو طاعة. وقيل : أولو خير. يقال : فلان ذو بقية إذا كان فيه خير. معناه : فهلا كان من القرون من قبلكم من فيه خير ينهى عن الفساد في الأرض؟ وقيل : معناه أولو بقية من خير. يقال : فلان على بقية من الخير إذا كان على خصلة محمودة. (يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) ، أي : يقومون بالنهي عن الفساد ، ومعناه جحدا ، أي : لم يكن فيهم أولو بقية. (إِلَّا قَلِيلاً) ، هذا استثناء منقطع معناه : لكن قليلا ، (مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) ، وهم أتباع الأنبياء كانوا ينهون عن الفساد في الأرض. (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا) ، نعموا ، (فِيهِ) ، والمترف : المنعم. وقال مقاتل بن حيان : خوّلوا. وقال الفراء : عوّدوا (٤) ، أي : واتبع الذين ظلموا ما عوّدوا من النعيم واللذّات وإيثار الدنيا على الآخرة. (وَكانُوا مُجْرِمِينَ) ، كافرين.
(وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ) ، أي : لا يهلكهم بشركهم ، (وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) ، فيما
__________________
من طرق عن الليث عن ابن الهاد.
وأخرجه البخاري ٥٢٨ من طريق ابن أبي حازم والدراوردي عن ابن الهاد به.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المخطوط «الصلوات».
(٤) زيد في المطبوع وط عقب «عودوا» [من النعيم واللذات وإيثار الدنيا] والظاهر أنه مقحم ، وهو مكرر ما بعده.