ولا شك أن موضوع «أخلاق القرآن» موضوع خطير كبير ، بستحق هذه العناية وأضعافها. لأن القرآن المجيد كتاب الله عزوجل ، ودستور الاسلام الاول ، وينبوع الرشاد والارشاد ، ورائد الخير في الدنيا والآخرة ، والاخلاق الكريمة الفاضلة هي لب ما يدعو اليه هذا القرآن العظيم ، لأن الانسان بلا أخلاق يعد من الأموات ، والاخلاق الفاضلة هي التي تعطي الانسان معنى الحياة الصحيحة ، ولذلك نرى الامام ابن القيم في «مدارج السالكين» يتحدث عن قول الله تبارك وتعالى في سورة الأنعام :
«أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ ، وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ، كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ».
ويبيّن المراد منها بقوله :
«من كان ميت القلب. بعدم روح العلم والهدى والايمان ، فأحياه الرب تعالى بروح أخرى ، غير الروح التي أحيا بها بدنه ، وهي روح معرفته وتوحيده ، ومحبته وعبادته وحده لا شريك له ، اذ لا حياة للروح الا بذلك ، والا فهي في جملة الأموات. ولهذا وصف الله تعالى من عدم ذلك بالموت ، فقال : «أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ».
وقال تعالى :
«إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ، وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ».
وسمى وحيه روحا ، لما يحصل به من حياة القلوب والارواح فقال تعالى :
«وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ، ما كُنْتَ تَدْرِي