عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه».
وأنت اذا أحسنت الى من أساء اليك قادته تلك الحسنة الى مصافاتك ومحبتك والحنو عليك ، حتى يصير كأنه صديق قريب اليك من الشفقة عليك والاحسان معك ، وهذه فضيلة لا يؤدي حقوقها الا من كان صاحب نصيب وافر من التوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة.
وفي موطن آخر يقول ابن كثير انه لا يلهم هذه الوصية ، أو هذه الخصلة ، أو هذه الصفة ، الا الذين صبروا على أذى الناس ، فعاملوهم بالجميل أمام القبيح منهم. والصبر هنا يشمل الاحتمال والحلم والعفو وضبط النفس وقوة الارادة ، ولذلك يقول ابن عباس : «أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الاساءة ، فاذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان ، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم».
ومما ينبغي تدبره والاعتبار به ان سورة فصلت بعد ان تورد الامر بالدفع بالتي هي أحسن ، تقول عقب ذلك مباشرة : «وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» وكأن السورة تريد أن أن تقول لنا أن الشيطان بنزغه واضلاله وافساده هو الذي يزين للانسان أن يدفع بالتي هي أسوأ ، والواجب على المسلم أن يحذر نزغ الشيطان ووسوسته ، حتى لا ينحرف عن سواء السبيل.
ولذلك نراه أيضا يقول في سورة الاعراف :
«خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ، وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ