عن سفساف الشيم الى معالي الأخلاق ، ولا يصل أحسن الدرجات الا من صبر على مقاساة الشدائد».
* * *
وحين نجول في روضة الادب العربي الذي نزل بلغته القرآن المجيد تلقانا فيها رياحين مزهرة وثمرات يانعة ، تحببنا في فضيلة الدفع بالحسنى ، فهذا شاعر يترجم عن نفسه العالية القادرة على الانتصاف والانتقام ، ولكنه يتحصن بحلمه ورزانته ، ويتجلى فيه التسامي على سفاهة السفهاء ، فيقول :
وجهل رددناه بفضل حلومنا |
|
ولو آننا شئنا رددناه بالجهل |
رجحنا وقد خفت حلوم كثيرة (١) |
|
وعدنا على أهل السفاهة بالفضل |
وهذا ثان يضرب مثلا رائعا في الدفع بالتي هي أحسن ، فيعطي قومه كل ما يستطيع ، ويضحي من أجلهم بكل ما يقدر عليه ، ويعطي ولا ينتظر أن يأخذ ، ويحسن ولا يتوقع المقابلة بالمثل ، فيقول :
وان الذي بيني وبين بني أبي |
|
وبين بني عمي لمختلف جدا |
أراهم الى نصري بطاء ، وان هم |
|
دعوني الى نصر أتيتهم شدا |
وان يأكلوا لحمي وفرت (٢) لحومهم |
|
وان يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا |
وان زجروا طيرا بنحس تمر بي |
|
زجرت لهم طيرا تمر بهم سعدا |
__________________
(١) حلوم : جمع حلم وهو العقل.
(٢) وفرت : حفظت وصنت.