هذا ، ولقد طلب القرآن الكريم الاستعاذة عند قراءة القرآن الكريم ، فقال في سورة النحل :
«فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ»(١).
وهذا الطلب على سبيل الندب لا على سبيل الوجوب ، وبعض الفقهاء أوجب الاستعاذة في الصلاة. وطلب القرآن التعوذ بالله من شر الوسواس الخناس ، ومن شر الخلق ، ومن شر الغاسق اذا وقب ، ومن شر النفاثات في العقد ، ومن شر حاسد اذا حسد ، وفي كل موطن يتوجس الانسان فيه شرا.
وانما أكد القرآن وكرر طلب التعوذ من الشيطان ، لأنه عدو مبين للانسان ، ولا يقبل مصادقة ولا احسانا ، ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم ، لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل ، وحينما يقول الانسان : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» كأنه يقول : أستجير بحول الله جل جلاله من الشيطان اللعين ، أن يضرني في ديني أو دنياي ، أو يصدني عن فعل ما أمرني الله به ، أو يحثني على فعل ما نهاني الله عنه.
واذا كان في الجن شياطين ، فكذلك في الانس شياطين ، ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى :
«مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ»(٢).
ودليله من السنة أنه جاء في مسند أحمد أن الرسول صلى الله عليه
__________________
(١) سورة النحل ، الآية ٩٨.
(٢) سورة الناس ، الآيات ٤ ـ ٦.