ولما علم النبي بذلك استنكره وقال للمقداد : كيف لك بلا اله الا الله غدا؟. وأنزل الله الآية.
وخلاصة معنى هذه الآية : يا أيها المؤمنون الذين صدقتم وآمنتم بربكم وبما جاءكم من عنده ، اذا سرتم مسيرا لله في جهاد اعدائكم. فلا تتعجلوا ، بل تريثوا وتأنوا في قتل من أشكل عليكم أمره ، أو اشتبه عليكم حاله ، فلم تعلموا حقيقة اسلامه ولا كفره ، ولا تبادروا فتعتدوا على من التبس عليكم أمره ، ولا تقدموا على قتل أحد الا اذا ثبت لكم انه محارب لله ولرسوله ، ولا تقولوا لمن استسلم لكم ولم يقاتلكم ، مظهرا لكم أنه من ملتكم ، لا تقولوا له مكذبين اياه : «لَسْتَ مُؤْمِناً» فتقتلوه طلبا لمتاع الدنيا الزائل الذي يتمثل في الغنائم. والله سبحانه لم يشرع لكم القتال للحصول على هذا المتاع ، بل شرعه للدفاع ورد العدوان واعلاء كلمة الحق والعدل. وربما يكون بعض الناس من حولكم مسلما مستخفيا بدينه من المشركين ، فتقتلونه خطأ.
وكذلك كنتم من قبل تستخفون بدينكم ، فمن الله عليكم بالهجرة والقوة ، وبذلك أظهرتم الاسلام ، فاحرصوا على التبين والتثبت والتأكد قبل التصرف ، ولا تأخذوا بالظن أو التهمة ، والله جل جلاله عليم بكل ما تفعلون.
ولنلاحظ هنا أن القرآن الكريم قد كرر كلمة «فَتَبَيَّنُوا» هنا مرتين في آية واحدة ، وهذا لتقوية الحث على فضيلة التبين في الامور.
* * *
ويعود القرآن المجيد ليقول في سورة الحجرات :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا