والمجاهدة بالقلب صونه عن الخواطر الرديئة ، مثل الغفلة والعزم على المخالفات ، وتذكر ما سلف أيام الفترة والبطالات.
والمجاهدة بالمال : بالبذل والسخاء ، ثم بالجود والايثار.
ويقال : حق الجهاد الأخذ بالأشق ، وتقديم الاشق على الاسهل ، وان كان في الاخف أيضا حق.
ويقال : حق الجهاد ألا يفتر العبد عن مجاهدة النفس لحظة».
* * *
ويعود القرآن في موطن ثان ليقول عن المجاهدة في سورة العنكبوت :
«وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ ، إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ»(١).
واذا كان الله جل جلاله قد كلّف عباده أن يجاهدوا أنفسهم ، فانما ذلك لاصلاحهم وتكميلهم ـ كما يقول بعض أهل التفسير ـ وتحقيق الخير لهم في دنياهم وأخراهم ، فالمجاهدة تصلح من نفس المجاهد وقلبه ، وترفع من مشاعره وآفاقه ، وتجعله يتأبى على البخل والشح ، وتثير فيه أفضل المزايا والدوافع.
ولذلك يذكر القشيري أن من اتبع طريق الاحسان فانه يطلب بذلك نجاة نفسه وسعادة حاله ، ومن اتبع طريق السوء فقد استوجب لنفسه الشقاء والعقاب ، وثواب المطيعين عنهم مصروف ، وعذاب العاصين عليهم موقوف.
__________________
(١) سورة العنكبوت ، الآية ٦.