ويقول في سورة المدثر :
«وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ، حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ»(١).
واليقين بالمعنى الاخلاقي فضيلة من أعظم الفضائل وأجلها ، لأنها تعلّم صاحبها استقرار الايمان ، وثبات الروح ، وزكاة النفس ، ولذا نرى ابن القيم يقول في تصوير اليقين : «هو من الايمان بمنزلة الروح من الجسد ، وبه تفاضل العارفون ، وفيه تنافس المتنافسون ، واليه شمّر العاملون. وعمل القوم انما كان عليه ، واشاراتهم كلها اليه. واذا تزوج الصبر باليقين ولد بينهما حصول الامامة في الدين. قال تعالى وبقوله يهتدي المهتدون :
«وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ»(٢).
ويقول أيضا : «اليقين روح أعمال القلوب ، التي هي أرواح أعمال الجوارح ، وهو حقيقة الصديقية ، وهو قطب هذا الشأن الذي عليه مداره».
وحق له أن يقول ذلك. لأن اليقين هو استقرار العلم الذي لا يتقلب ولا يتحول ولا يتغير ، ولأن اليقين يعطينا معنى الاحسان الذي يقول فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام : «الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك».
وهذا اليقين الجازم الدائم الثابت يقتضي كمال التصديق لرسول
__________________
(١) سورة المدثر ، الآيتان ٤٦ و ٤٧.
(٢) سورة السجدة ، الآية ٢٤.