التحلي بفضيلة اليقين ، ومنهم المجاهد الشهيد العارف بربه : حارثة بن سراقة الانصاري الذي قلت عنه في كتابي : «فدائيون في تاريخ الاسلام» هذه العبارة : «وكان حارثة شابا نقيا ، انشرح صدره لهدى الله تعالى ، فاستحوذ عليه وتمكن منه ، فهو لا يفكر ولا ينطق ولا يعمل ولا يتحرك ولا يسلك الا في نطاق الايمان والمراقبة والمعرفة بالله عزوجل.
ولقد لقيه الرسول صلىاللهعليهوآله ذات صباح فقال له : كيف أصبحت يا حارثة؟.
فأجاب : أصبحت مؤمنا حقا.
فقال له النبي : انظر ماذا تقول يا حارثة؟ فان لكل قول حقيقة.
فقال حارثة : يا رسول الله ، عزفت نفسي عن الدنيا ، فأسهرت ليلي ، وأظمأت نهاري ، وكأني بعرش ربي عزوجل بارزا ، وكأني أنظر الى أهل الجنة يتزاورون فيها ، وكأني أنظر الى أهل النار يتعاوون فيها.
فأعجب الرسول صلىاللهعليهوآله بجوابه وقال له : يا حارثة ، عرفت فالزم.
ثم أضاف الرسول قوله مشيرا الى حارثة : «عبد نوّر الله الايمان في قلبه» (١).
* * *
ولفضيلة اليقين ثمراتها العظمى عند الله عزوجل ، فالقرآن الكريم يدلنا على أن فضيلة اليقين تصل بصاحبها الى الهداية في الدنيا والفلاح في الآخرة ، فيقول عن المتقين في سورة البقرة :
__________________
(١) كتاب «فدائيون في تاريخ الاسلام» ، ص ٢٨٤ نشر دار الرائد العربي.