هذه العبارة : «ان الله تعالى مدحهم على كونهم متيقنين بالآخرة ، ومعلوم أنه لا يمدح المرء بأن يتيقن وجود الآخرة فقط ، بل لا يستحق المدح الا اذا تيقن وجود الآخرة مع ما فيها من الحساب والسؤال ، وادخال المؤمنين الجنة ، والكافرين النار.
روي عنه عليهالسلام أنه قال : يا عجبا من الشاك في الله ، وهو يرى خلقه ، وعجبا ممن يعرف النشأة الاولى ثم ينكر النشأة الآخرة ، وعجبا ممن ينكر البعث والنشور ، وهو في كل يوم وليلة يموت ويحيا ـ يعني النوم واليقظة ـ وعجبا ممن يؤمن بالجنة وما فيها من النعيم ثم يسعى لدار الغرور ، وعجبا من المتكبر الفخور ، وهو يعلم أن أوله نطفة مذرة ، (١) وآخره جيفة قذرة».
* * *
وتقبل مائدة السنة النبوية المطهرة ، فاذا هي تعطي فضيلة اليقين ما تستحقه من عناية ، فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام : «سلوا الله تعالى العفو والعافية ، واليقين في الدنيا والآخرة». ويرد في كتاب «مدارج السالكين» لابن القيم هذا الحديث : «لا ترضين أحدا بسخط الله ، ولا تحمدن أحدا على فضل الله ، ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله ، فان رزق الله لا يسوقه اليك حرص حريص ، ولا يرده عنك كراهية كاره ، وان الله بعدله وقسطه جعل الرّوح والفرح في الرضى واليقين ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط».
ويروي الترمذي وأحمد قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة».
ولقد ضرب أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام أمثلة باهرة في
__________________
(١) مذرة : قذرة فاسدة.