ومن الظواهر الربط بين اليقين والدار الاخرة. يقول القرآن في سورة البقرة : :
«وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»(١).
ويقول في سورة الرعد :
«لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ»(٢).
ويقول في سورة النمل :
«وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»(٣).
وكأن اليقين ينبثق من ينبوع البحث والتأمل ، وسعة التدبر والتفكر ، فيغمر نور الايمان قلب الانسان ، ويدفعه ذلك الى أداء الفروض والواجبات ، ويجعله على الدوام متذكرا لقاء الله ، فيحسن الاستعداد لهذا اللقاء.
وهنا يحسن بنا أن نتأمل عبارة للامام الرازي في تفسيره يقول فيها «اليقين هو العلم بالشيء ، بعد أن كان صاحبه شاكا فيه ، فلذلك لا يقول القائل : تيقنت وجود نفسي ، وتيقنت أن السماء فوقي ، لما أن العلم به غير مستدرك. ويقال ذلك في العلم الحادث بالامور ، سواء أكان ذلك العلم ضروريا أو استدلاليا ، فيقول القائل : تيقنت ما أردته بهذا الكلام ، وان كان قد علم مراده بالاضطرار. ويقول : تيقنت أن الاله واحد ، وان كان قد علمه بالاكتساب ، ولذلك لا يوصف الله تعالى بأنه يتيقن الاشياء».
ثم أضاف الرازي في تفسير قوله تعالى : «وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ»
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٤.
(٢) سورة الرعد ، الآية ٢.
(٣) سورة النمل ، الآية ٣.