وهارون الى فرعون وقال لهما :
«فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى»(١).
* * *
والنهي عن المنكر يسوغ اذا تحققت عدة أمور ، منها أن يكون المنهي عنه منكرا في الشريعة بالفعل ، وليس موضع اجتهاد أو خلاف ، وأن يكون المنكر واقعا ، لأنه لا معنى للنهي عن شيء لم يقع ، اللهم الا اذا كان يحذر من أمر ينتظر وقوعه ، فيكون موقفه حينئذ موقف من ينصح ويوجه ويحذر ، لا موقف من ينهي عن منكر. وأن يكون المنكر ظاهرا لا مستورا ، وأن يعرفه الناهي دون تحبس منه ، لأنه لا يحق للناهي عن المنكر أن يتجسس لكي يعرف أين المنكر ، فلا يحق له مثلا أن يسترق السمع ، أو يتجسس بالشم ليدرك وجود الخمر مثلا ، أو يسائل غيره عن دخائل الناس وأسرارهم ، والقرآن الكريم يقول في سورة الحجرات :
«وَلا تَجَسَّسُوا»(٢).
ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام : «يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يدخل الايمان قلبه ، لا تتبعوا عورات الناس لتفضحوهم ، فان من تتبع عورات غيره تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في عقر بيته».
ولقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه أنه تسلق دار رجل ظن به ريبة ، فرآه على حالة منكرة ، فأنكر عليه ، فقال له
__________________
(١) سورة طه ، الآية ٤٤.
(٢) سورة الحجرات ، الآية ١٢.