والأوزاعي (١) هو الامام أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الاوزاعي الدمشقي ، امام أهل الشام في الفقه والزهد وعزة النفس. يقول عنه النووي : «كان امام أهل الشام في عصره ، بلا مدافعة ولا مخالفة ، وكان أهل الشام والمغرب على مذهبه قبل انتقالهم الى مذهب مالك رحمهالله».
ولد سنة ثمان وثمانين للهجرة في «بعلبك» ، ونشأ في «البقاع» ، وسكن دمشق ، ثم انتقل الى بيروت فأقام بها مرابطا ، حتى دفن بها سنة سبع وخمسين ومائة.
وكان فقيها مشهورا ، حتى كانت الفتيا تدور بالاندلس على رأيه الى زمن الحكم بن هشام ، وعرضوا عليه القضاء فأبى. وله كتاب «السنن» في الفقه ، وكتاب «المسائل» يضم مجموعة الاجوبة التي أجاب بها على الاسئلة الكثيرة التي وجهت اليه. وقد أجمع العلماء ـ كما في كتاب تهذيب الاسماء واللغات ـ على امامة الاوزاعي وجلالته ، وعلو مرتبته ، وكمال فضله ، وأقوال السلف رحمهمالله كثيرة مشهورة ، مصرّحة بورعه وزهده وعبادته وقيامه بالحق ، وكثرة حديثه ، وغزارة فقهه ، وشدة تمسكه بالسنة ، وبراعته في الفصاحة ، واجلال الاعيان من أئمة عصره من الاقطار له ، واعترافهم بمرتبته.
وكان للاوزاعي كلمات حكيمة بليغة ، منها هذه الكلمات :
١ ـ لهو العلماء خير من حكمة الجهلة.
٢ ـ بلغني أنه ما وعظ رجل قوما لا يريد به وجه الله الا زلت عنه القلوب كما يزل الماء عن الصفا (٢).
__________________
(١) الاوزاعي نسبة الى كلمة «الاوزاع» ، وهي اسم قرية بدمشق ، أو اسم قبيلة من حمير أو همدان ، أو بمعنى أوزاع القبائل أي فرقها.
(٢) الصفا : جمع صفاة ، وهي الحجر الصلد الضخم.