الله ، وأمير ظلف عماله وأرتع نفسه ، فذلك الحطمة (١) الذي قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «شر الرعاة الحطمة» (٢) فهو الهالك وحده ، وأمير أرتع نفسه وعماله فهلكوا جميعا.
وقد بلغني ـ يا أمير المؤمنين ـ أن جبريل عليهالسلام أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أتيتك حين أمر الله بمنافخ النار فوضعت على النار تسعّر ليوم القيامة ، فقال له : يا جبريل ، صف لي النار.
فقال : ان الله تعالى أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اصفرت ، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة ، لا يضيء جمرها ، ولا يطفأ لهبها ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثياب أهل النار أظهر لاهل الارض لماتوا جميعا ، ولو أن ذنوبا (٣) من شرابها صبّ في مياه الارض جميعا لقتل من ذاقه ، ولو أن ذراعا من السلسلة التي ذكرها الله وضع على جبال الارض جميعا لذابت وما استقلت ، ولو أن رجلا أدخل النار ، ثم أخرج منها ، لمات أهل الارض من نتن ريحه ، وتشويه خلقه وعظمه.
فبكى النبي صلىاللهعليهوآله ، وبكى جبريل عليهالسلام لبكائه ، فقال : أتبكي يا محمد ، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟.
فقال : أفلا أكون عبدا شكورا؟ ولم بكيت يا جبريل وأنت الروح الامين : أمين الله على وحيه؟.
قال : أخاف ان ابتلى بما ابتلي به هاروت وماروت ، فهو الذي منعني
__________________
(١) الحطمة : الراعي الظلوم.
(٢) الحديث من الامثال النبوية ، يضرب في سوء الملك والسياسة ، ويضرب لمن يلي ما لا يحسن ولايته. وقد روى مسلم هذا الحديث.
(٣) الذنوب ـ بفتح الذال ـ الدلو.