ولا منازعة ، ولا معارضة ولا اعتراض ، قال الله تعالى :
«فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً».
فأقسم سبحانه أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله ، وحتى يرتفع الحرج من نفوسهم من حكمه ، وحتى يسلّموا لحكمه تسليما ، وهذه حقيقة الرضى بحكمه ، فالتحكيم في مقام «الاسلام» ، وانتفاء الحرج في مقام «الايمان» ، والتسليم في مقام «الاحسان».
ومتى خالطت القلب بشاشة الايمان ، واكتحلت بصيرته بحقيقة اليقين ، وحيي بروح الوحي ، وتمهدت طبيعته ، وصارت النفس الامارة نفسا مطمئنة راضية وادعة ، وتلقى أحكام الله تعالى بصدر واسع منشرح مسلّم ، فقد رضي كل الرضى بهذا القضاء الديني المحبوب لله وللرسول.
والرضى بالقضاء الكوني القدري ، الموافق لمحبة العبد وارادته ورضاه ـ من الصحة والغنى والعافية واللذة ـ أمر لازم بمقتضى الطبيعة ، لأنه ملازم للعبد محبوب له ، فليس في الرضى به عبودية ، بل العبودية في مقابلته بالشكر والاعتراف بالمنة ، ووضع النعمة مواضعها التي يحب الله أن توضع فيها ، وأن لا يعصي المنعم بها ، وان يرى التقصير في جميع ذلك.
والرضى بالقضاء الكوني القدري ، الجاري على خلاف مراد العبد ومحبته ـ مما لا يلائمه ، ولا يدخل تحت اختياره ـ مستحب ، وهو من مقامات أهل الايمان.
وينهض التسليم لله على ثلاث دعائم : الاولى تسليم الغيب لله ، وعدم