تصرفات وأعمال ، ثم يظهر أن الخبر كان كاذبا أو محرفا أو مبالغا فيه ، أو مرادا به غير ما فهمه الانسان ، فيكون هناك ندم وأسف ، وقد كان اللائق بالعاقل أن يتبين ويتثبت ، ويتأكد ويراجع ، حتى لا يؤخذ على غرة ، ولا ينكب بخديعة.
ويقرأ الانسان نبأ في صحيفة أو مجلة ، فيسارع بتصديقه ، ويعادي أو يصادق على أساس أنه حق واقع ، مع أنه قد يكون مكذوبا أو مفترى ، ومن هنا يكتوي المتسرع بلهب الندم والحسرة والغم بسبب تسرعه وعدم تثبته.
ويصاب الانسان بأذى من هنا أو هناك ، دون أن يعرف مصدر هذا الأذى ، فاذا هو يتعجل ويسارع فيتهم هذا ، أو يسب ذاك ، أو يتهجم على ذلك ، ولو أنه تأنى وتريث ، لادرك مصدر الأذى على حقيقته ، وحينئذ يحسن التصرف على أساسه ، فلا يفقد أصدقاء له ، ولا يضيف الى أعدائه جديدا منهم.
ومن باب التسرع المذموم أن يتعجل الانسان بالمدح دون دراية ، أو الذم دون موجب ، أو يتعجل بالكلام قبل أن يديره على عقله ، أو يتعجل بتصرف ما قبل ان يتدبره ، ومن وراء ذلك يكون الغم والاسف.
ألا ما أكثر البلايا التي تلاحق الناس من وراء تسرعهم واندفاعهم ، وقلة تبينهم للامور وتثبتهم من الوقائع وتأكدهم من الاخبار ، مع انهم يسمعون كل حين قول الحكيم : «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة».
ولقد تناثرت الكلمات الحكيمة الداعية الى تبين الامور خلال كتب الادب والحكمة ، وكلها تذكير بهذه الفضيلة الاخلاقية القرآنية الحميدة ، فهذا بعض الحكماء يقول : «اذا أردت أن يكون العقل غالبا للهوى ، فلا تعمل بقضاء الشهوة حتى تنظر العاقبة ، فان مكث الندامة في القلب أكثر